وهذا أظهر في أنّه من باب ضارب وضاربة ، لأنّه ليس في الدّلالة على الجمعيّة كبغّالة لكونه دونه في الكثرة.
«ومنه الحلوبة والقتوبة (١) والرّكوبة ، قال الله تعالى : (فَمِنْها رَكُوبُهُمْ)(٢) ، وقرئ «ركوبتهم» (٣)».
وهو موضع الاستشهاد ، وقد يقال : حلوبة وحلوب ، فحلوبة للواحد ، وحلوب للجمع (٤) ، فليس هذا من باب الحلوبة المتقدّمة ، لأنّ تلك للجماعة ، فهو من باب بغّالة ، وهذه للمفرد ، فهي من باب تمرة.
قوله : «وللبصريّين في نحو : طامث وحائض مذهبان» إلى آخره.
قال رضياللهعنه : مذهب الخليل أنّه على (٥) معنى النّسب ، وما كان على معنى النّسب فقياسه أن يأتي بغير تاء ، كقولهم : لابن وتامر ودارع ، أي : ذلك منسوب إليها ، لا على معنى حدوثه حتّى تدخل التاء ، لأنّ التاء إنّما دخلت في هذا الجنس حملا على الفعل على ما تقدّم (٦) ، فإذا لم يقصد جريها على الفعل وقصد ذلك المعنى بمجرّده منسوبا إلى من قام به لم يؤت بالتّاء ، فلذلك قال الخليل : على معنى النّسب ، يشير / إلى هذا.
وقال سيبويه : إنّه متأوّل بأنّه إنسان أو شيء حائض (٧) ، وما ذكره الخليل أحسن ، لأنّه إنّما ردّه إلى معنى يقتضي حذف التاء ، وما ذكره سيبويه تأويل بعيد ليس فيه معنى يقتضي حذف التاء ، واتّفاقهم على أنّه إنّما يكون في الصفة الثابتة دون الحادثة دليل على صحّة ما ذهب إليه الخليل ، إذ
__________________
(١) القتوبة بالفتح : الإبل التي توضع الأقتاب على ظهورها. اللسان (قتب).
(٢) يس : ٣٦ / ٧٢ ، والآية : (وَذَلَّلْناها لَهُمْ فَمِنْها رَكُوبُهُمْ وَمِنْها يَأْكُلُونَ) (٧٢).
(٣) قرأت عائشة «ركوبتهم». انظر معاني القرآن للفراء : ٢ / ٣٨٠ ، وإعراب القرآن للنحاس : ٣ / ٤٠٦ ، والجامع لأحكام القرآن : ١٥ / ٥٦ ، والبحر المحيط : ٧ / ٣٤٧.
(٤) قال ابن منظور : «وقال ابن بري : ومن العرب من يجعل الحلوب واحدة ومنهم من يجعله جمعا .. وكذلك الحلوبة تكون واحدة وجمعا». اللسان (حلب).
(٥) في د : «أنه ليس على». مقحمة.
(٦) انظر ما تقدم ورقة : ١٣٩ ب من الأصل.
(٧) انظر الكتاب : ٣ / ٣٨٣ ـ ٣٨٤ ، والمقتضب : ٣ / ١٦٤