بمعنى فاعل لموافقته له في اللّفظ ، وقد قيل : إنّ «قريب» (١) ههنا ذكّر لأنّ «رحمة» مصدر ، والمصادر المؤنّثة يجوز تذكيرها حملا على لفظ آخر في معناه ، فالرّحمة بمعنى الرّحم (٢) ، والتّذكرة في قوله تعالى : (فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ)(٣) بمعنى الذّكر /.
وأمّا «ملحفة جديد» فالكوفيّون يزعمون أنّه (٤) بمعنى مفعول (٥) ، وأنّ جديدا بمعنى مجدود ، أي : مقطوع ، فهو فعيل بمعنى مفعول ، ولكنّه كثر حتّى قالوا : «جدّ الثوب» (٦) ، فهو جديد ، فتوهّم أنّ جديدا من «جدّ» فهو جديد ، وإنّما هو من «جددت» وليس بقويّ ، لأنّ دعواهم أنّ «جدّ الشّيء» فرع على «جددته» فهو جديد لا دليل عليه.
قوله : «وتأنيث الجمع ليس بحقيقيّ».
سواء كانت مفرداته بتأنيث حقيقيّ أو لا ، لأنّ التأنيث الحقيقيّ إنّما يعتبر عند الإفراد ، وأنت في الجمع لم تقصد إلّا النّسبة إلى الجمع ، والجمع ليس فيه تأنيث حقيقيّ ، فلمّا كان كذلك جرى التأنيث والتذكير كجريه على المؤنّث غير الحقيقيّ ، وإذا نسبت إلى ضمير الجمع فإن كان مذكّرا يعقل اختصّ بضمير (٧) وعلامة لا يشركه غيره فيها ، [كما تقول : القوم رأيتهم](٨) ، وجاز أن تأتي معه بضمير المفرد المؤنّث ، [كما تقول : القوم رأيتها](٩) ، وإن كان غير ذلك من مذكّر لا يعقل أو مؤنّث مطلقا كنت فيه بالخيار بين ضمير المفرد المؤنّث وبين ضمير الجمع ، وهذا جار في الصّفات كما جرى في الأفعال ،
__________________
(١) من قوله تعالى : (إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ). الأعراف : ٧ / ٥٦
(٢) استشكل النحاة تذكير «قريب» مع تأنيث «رحمة» في الآية السابقة وقد ألف ابن مالك وابن هشام رسالتين في توجيه كلمة «قريب» ونقلهما السيوطيّ في الأشباه والنظائر : ٣ / ٢٣٤ ـ ٢٨٣ ، وانظر : أمالي ابن الشجري : ٢ / ٢٥٦ ـ ٢٥٧.
(٣) المدثر : ٧٤ / ٥٥.
(٤) في د : «أنها».
(٥) في ط : «مفعل». تحريف ، والبصريون يذهبون إلى انه بمعنى فاعل ، انظر الكتاب : ١ / ٦٠ ، وكتاب الشعر للفارسي : ٣٥٩ ، وشرح المفصل لابن يعيش : ٥ / ١٠٢ ، وشرح الكافية للرضي : ٢ / ١٦٦.
(٦) «ثوب جديد : جدّ حديثا أي : قطع». اللسان (جدد) ، وانظر البغداديات : ٢٧٦
(٧) في د : «بضميره».
(٨) سقط من الأصل. ط. وأثبته عن د.
(٩) سقط من الأصل. ط. وأثبته عن د.