صرّح بذلك في قوله : «والذي وضع وصلة» ، فكيف تكون «الذي» بكمالها وصلة (١) للتعريف ، وتكون الألف والّلام وحدها للتعريف؟ وإنّما جاء الوهم من أنّ هذا الاسم يفيد التعريف كما تفيده الألف والّلام ، وحكم ألفها (٢) حكم ألف ولام التعريف ، وعند حذف الذال تسبك بالجملة (٣) فتصير مفردا (٤) ، فلمّا حكم بحذف الذّال منها رآها ولفظها لفظ التعريف ومعناها معنى التعريف ، والدّاخلة عليه اسم مفرد كالدّاخل عليه حرف التعريف حكم بأنّه حرف التعريف.
والأولى أن يقال : الألف والّلام في قولك : «الضارب» حرف للتعريف بمعنى الذي (٥) ، لا أنّه كان «الذي» فحذف ذاله وياؤه ، وبقي حرف تعريفه (٦) ، لأنّ «الذي» بكماله لا ينفصل ، بل بجملته للتعريف (٧).
وقوله مستشهدا بقوله تعالى : (وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خاضُوا)(٨) ، إن جعل الضمير الفاعل عائدا على «الذي» فهو كما ذكره من أنّ «الذي» بمعنى «الذين» (٩) ، ويكون المعنى : وخضتم مشبهين الذين خاضوا ، أو خوضا مثل خوض الذين خاضوا (١٠) ، فيكون على هذا (١١) التقدير مصدرا ، وعلى التقدير الأوّل حالا ، وإن جعلنا الضمير العائد على «الذي» ضمير مفعول محذوف وجب أن يكون «الذي» على بابه ، [ولا يكون بمعنى الذين](١٢) ، ويكون التقدير وخضتم خوضا مثل الخوض الذي خاضوه ، فيكون مصدرا لا غير.
__________________
(١) سقط من د : «وصلة». خطأ.
(٢) في د : «الذي». تحريف.
(٣) في ط : «الجملة». تحريف.
(٤) في د : «معرفة».
(٥) بعدها في د : «ضرب».
(٦) في د : «تعريف».
(٧) ذهب الأخفش والمازني في أحد قوليه إلى أنّ الألف واللام في نحو «الضارب» حرف تعريف ، انظر : شرح التسهيل لابن مالك : ١ / ٢٠٠ ، وشرح الكافية للرضي : ٢ / ٣٧ ، وشرح التصريح على التوضيح : ١ / ١٣٧.
(٨) التوبة : ٩ / ٦٩.
(٩) إن لم يقصد بالذي مخصص جاز أن يعبّر به عن جمع ، انظر : شرح التسهيل لابن مالك : ١ / ١٩١ ـ ١٩٢.
(١٠) انظر : أمالي ابن الشجري : ٢ / ٣٠٧ ، وشرح التسهيل لابن مالك : ١ / ١٨٨.
(١١) في د : «فيكون بهذا».
(١٢) سقط من الأصل. ط. وأثبته عن د.