«فصل : وقد حذف المضاف إليه في قولهم :
(كان ذاك إذ وحينئذ)» إلى آخره.
قال الشيخ : كلّ هذه أسماء لم تستعمل إلّا مضافة لإبهامها ، فإذا استعملت غير مضافة فلا بدّ من قرينة تدلّ (١) على خصوصيّة ذلك المضاف إليه ، فلذلك حكم بحذفه وإرادته ، بخلاف قولك : رأيت ثوبا وحصيرا ، فإنّه لا يحكم بحذف شيء.
ثمّ منها ظروف وغير ظروف ، فالظّروف تبنى عند الحذف على ما سيأتي علّته (٢) في المبنيّات ، وغير الظّروف لا يبنى.
ثمّ قال : «وقد جاآ محذوفين».
وذلك إنّما يكون عند (٣) وجود مضاف إليه ثان للمضاف إليه ثالث للمضاف (٤) فيحذف المضاف (٥) أوّلا ، ثمّ يقام الثاني مقامه ، ثمّ يحذف المضاف إلى الثالث ويقام الثالث مقامه ، كقوله في صفة البرق (٦) :
أيا من رأي لي رأي برق شريق |
أسال البحار فانتحى للعقيق |
تقديره : أسال سقيا سحابه (٧) ، فحذف الأوّل الذي هو سقيا ، فبقي «أسال سحابه» ، ثمّ حذف سحاب فوجب رفع الضمير لقيامه مقامه ، فوجب استتاره لأنّه صار ضميرا مفردا غائبا ، ولا يكون ذلك إلّا مستترا ، ففي «أسال» ضمير مرفوع ، هو ذلك الضمير الذي كان مجرورا في سحابه ،
__________________
(١) في د : «دالة».
(٢) في ط : «عليه» ، تصحيف.
(٣) في د : «مع».
(٤) بعدها في ط : «إليه».
(٥) سقط من د : «المضاف» ، خطأ.
(٦) البيت لأبي دؤاد ، وهو في ديوانه : ٣٢٧ ، وكتاب الشعر للفارسي : ٤٥٥ ، وشرح المفصل لابن يعيش : ٣ / ٣١ ، والرّأي : اللمعان ، وشريق بمعنى مشرق ، وانتحى : قصد ، والعقيق : مكان.
(٧) الضمير يعود إلى البرق ، انظر كتاب الشعر للفارسي : ٤٥٥ ، وشرح المفصل لابن يعيش : ٣ / ٣١.