«فصل : وإضافة الاسم إلى الاسم على ضربين : معنويّة ولفظيّة ،
فالمعنويّة ما أفاد تعريفا أو تخصيصا».
أقول : يرد عليه «مررت برجل ضارب امرأة» ، فإنّ هذا أفاد تخصيصا ، ومع ذلك فليس بمعنويّ.
وجوابه أنّ هذا لم يفد تخصيصا بالإضافة ، وإنّما التخصيص حاصل قبل الإضافة ، [إذ](١) أصله ضارب امرأة (٢) ، فبقي على ما كان عليه ، [ولا يكون حينئذ من هذا الباب](٣) ، ولو قيل : «ما أفاد تعريفا» على تقدير أن يكون المضاف إليه معرفة لسلم من هذا الاعتراض.
وقوله : «في الأمر العامّ» الأولى أن يحمل على الاحتراز من مثل قولك : «ضرب (٤) اليوم» و (مَكْرُ اللَّيْلِ)(٥) ، فإنّ هذا بمعنى «في» (٦) ، ولا يقوى أن يحمل على مثل قولك : «عند زيد» [أي : مكان لزيد](٧) و (لَدُنْ حَكِيمٍ)(٨) وشبهه ، لأنّ هذه في الحقيقة كلّها بمعنى اللّام ، وإنّما يمتنع تقديرها لأنّ بعض الألفاظ لم تستعمل إلّا مضافة ، فلمّا أنس فيها عدم القطع جاء القطع فيها منافرا ، فتوهّم أنّها لا تقدّر ، وهي في المعنى مقدّرة باللّام كما تقدّرها في «تحت» و «فوق» وشبههما ، وإن كانت أيضا لا تستعمل مقطوعة ، لأنّك تعلم أنّ «تحت زيد» بمعنى موضع ، ونسبة موضع إلى زيد نسبة بمعنى اللّام ، فيعلم أنّ نسبة «تحت» إلى زيد بمعنى اللّام أيضا.
ويعرف ما كان بمعنى «من» أن يكون الأوّل نوعا من الثاني ، ومعنى النوع أن يصلح إطلاق اسم الجنس عليه.
__________________
(١) سقط من الأصل. ط. وأثبته عن د.
(٢) انظر الأشموني : ٢ / ٢٤١.
(٣) سقط من الأصل. ط. وأثبته عن د.
(٤) في د. ط : «ضارب».
(٥) سبأ : ٣٤ / ٣٣ ، والآية : (بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ).
(٦) اتفق النحويون على أنّ الإضافة بمعنى اللام أو من ، واتّهمهم ابن مالك بأنّهم أغفلوا الإضافة التي بمعنى في وأثبتها عبد القاهر الجرجاني ، وقوّى أبو حيان قول ابن مالك ، انظر المقتضب : ٤ / ١٤٣ ، والخصائص : ٣ / ٢٦ ، وشرح التسهيل لابن مالك : ٣ / ٢٢١ ، وارتشاف الضرب : ٢ / ٥٠٢.
(٧) سقط من الأصل. ط. وأثبته عن د.
(٨) هود : ١١ / ١ ، والنمل : ٢٧ / ٢٦ ، وجاء بعد الآية في د : «أي مكان حكيم».