«فصل : وتقول في تثنية المستثنى : ما أتاني إلّا زيد إلّا عمرا».
قال الشيخ : يعني بتثنية المستثنى تكرير المستثنى ، لا على الاصطلاح ، لأنّ حكم المستثنى المثنّى وغيره سواء ، ثمّ مثّل بقوله : «ما أتاني إلّا زيد إلّا عمرا أو إلّا عمرا إلّا زيد (١) ، ترفع الذي أسندت إليه وتنصب الآخر» فرفع أحدهما واجب ، إذ لا بدّ من الفاعل ، ونصب الآخر لأنّ التفريغ لا يكون من جهة واحدة إلّا لشيء واحد ، ولو رفع الآخر لكانا مرفوعين من جهة واحدة وهو غير مستقيم.
فإن قيل : أرفعه على أن أبدل «إلّا عمرو» من قولك : «ما أتاني أحد إلّا زيد» من أحد المخرج (٢) منه زيد فهو غير مستقيم من حيث لفظ التفريغ ، لأنّ التفريغ قد أخذ حقّه ، فلم يبق إلّا أن تقول : إنّ قولك : «ما أتاني أحد إلا زيد» بمعنى «ترك هؤلاء الإتيان» ، فلذلك قال صاحب الكتاب (٣) : «لأنّك لا تقول : تركوني إلّا عمرو» ، وتعرّض لموقع الشّبهة ، وبيّن أنّك لو صرّحت بما هو معناه الذي يرجع إليه لم يكن إلّا نصبا.
والمسألة الثانية : «ما أتاني إلّا عمرا إلّا بشرا أحد» واضحة بعد ما ذكره (٤) ، لأنّ نصب أحدهما على أنّه مقدّم على المستثنى منه ، ونصب الآخر على ما كان عليه لو كان متأخّرا ، وهذا الثاني لمّا تقدّم ووضح لم يتعرّض له ، والذي نصب لأجل التقديم تعرّض له ، لأنّه هو الذي حدث له النصب في هذه المسألة لأجل التقديم ، ولو قلت : «ما أتاني أحد إلّا زيدا إلّا عمرو» كان جائزا أيضا ، ويكون قولك : «عمرو» بدلا من قولك : «أحد إلّا زيدا».
فإن قلت : قل (٥) : «ما أتاني أحد إلّا زيد إلّا عمرو» واجعل «عمرو» بدلا من قولك : «أحد إلّا زيد» (٦) فقد تقدّم ما يدلّ على دفعه ، وهو أنّ هذا قد أخذ بدله ، وهو فرع التفريغ ، فلا يكون له تفريغ آخر من جهة واحدة ، والذي قبله لم يأخذ تفريغا ، لأنّ زيدا منصوب فيه.
__________________
(١) في المفصل : ٧٢ «أو إلا زيدا إلا عمرو».
(٢) في ط : «والمخرج» تحريف.
(٣) أي الزمخشري ، انظر المفصل : ٧٢.
(٤) في د : «هذا من ذلك» موضع «بعد ما ذكره» ، تحريف.
(٥) سقط من ط : «قل» وهو خطأ وفي د : «فقل».
(٦) سقط من ط : «إلا زيد» ، خطأ.