«فصل : وإن قدّمت المستثنى على صفة المستثنى منه ففيه طريقان :
أحدهما : وهو اختيار سيبويه : أن لا تكترث للصفة وتحمله على البدل».
قال الشيخ : يدلّ على صحّة مذهب سيبويه أنّه غير مستثنى ممّا تأخّر عنه ، فلم يجب النصب ، وبيان أنّه غير مستثنى ممّا تأخّر عنه أنّ زيدا (١) لم يخرج إلّا من الأحدين ، وهو متقدّم ، و «خير» إنّما جيء به لبيان المراد بالأحدين (٢) ، فتقديمه وتأخيره (٣) على حدّ واحد ، فوجب أن لا يكون مستثنى متقدّما.
ووجه آخر : وهو أنّ البدل مختار في كلّ كلام غير موجب ، وهذا مستثنى من كلام غير موجب ، فوجب اختيار البدل ، وبيانه أنّك لو قلت : «ما جاءني أحد» وسكتّ كان كلاما تامّا ، والصفة ليست جزءا من الكلام ، وإنّما يقصد بها بيان المراد بالموصوف ، وإذا كان كذلك فهو مستثنى من كلام غير موجب ، فيجب اختيار الرفع فيه ، كما يجب فيما لم يوصف ، وحجّة المخالف أنّه توهّم أنّ الصفة والموصوف امتزجا في المعنى ودلّا على شيء واحد ، فكان تقديمه على أحدهما كتقديمه / عليهما ، فوجب النصب عنده.
__________________
(١) كذا في الأصل د. ط. ولعل الصواب : «أبوك» ، والمثال الذي ساقه سيبويه وتبعه الزمخشري في المفصل هو : «ما أتاني أحد إلا أبوك خير من زيد» ، انظر الكتاب : ٢ / ٣٣٦ ، والمقتضب : ٤ / ٣٩٩ ، والمفصل : ٧٢.
(٢) في د : «من الأحدين».
(٣) في د : «فتقديم الخبر وتأخيره».