واستشهاده (١) بقوله تعالى : (لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ)(٢) الآية ، إلى آخره.
قال الشيخ : فإن قيل : «غير» إذا أضيفت إلى المعرفة فهي نكرة ، فكيف جرت على المعرفة صفة.
فالجواب : أنّ غيرا إذا كانت في تقسيم حاضر كانت معرفة ، مثل قوله تعالى : (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ)(٣) ، فلذلك جرت كذلك.
وقوله تعالى : (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ)(٤) ، قال بعضهم : ليس على الوصفيّة ، وإنّما هو (٥) على البدل ، وصحّ لأنّه في معنى النفي ، لأنّ معنى قولك : لو كان فيهما آلهة إلّا الله : ما فيهما آلهة إلّا الله ، فلمّا كان معناه معنى النفي جرى في البدل مجراه (٦) ، وهذا ضعيف من أوجه :
أحدها : أنّه لو كان كذلك لجاز أن تقول : لو كان فيهما آلهة إلّا الله ، كما تقول : ما فيهما إلّا الله ، لأنّه بمنزلته ، وليس الأمر كذلك.
الثاني : أنّه لا يجري النفي المعنويّ مجرى النفي اللفظيّ ، ألا ترى أنّك تقول : «أبى القوم إلّا زيدا» بالنّصب ليس إلّا ، ولو كان النفي المعنويّ كاللفظيّ لجاز «أبى القوم إلّا زيد» ، وكان المختار ، وههنا أولى ، لأنّ النفي محقّق غير مقدّر فيه إثبات ، وفي «لو» مقدّر ما بعدها الإثبات ، وإنّما قدّر فيه النفي لمّا كان الإثبات مقدّرا (٧).
الثالث : أنّه لو كان على البدل لكان معناه معنى الاستثناء ، ولو كان معناه معنى الاستثناء لجاز أن تقول : «إلّا الله» بالنصب ، ولا يستقيم المعنى ، لأنّ الاستثناء إذا سكت عنه دخل ما بعده فيما
__________________
(١) أي الزمخشري ، المفصل : ٧٠.
(٢) النساء : ٤ / ٩٥ ، وتتمة الآية : (غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ).
(٣) الفاتحة : ١ / ٧.
(٤) الأنبياء : ٢١ / ٢٢ ، وسلفت الآية ورقة : ٨٦ أ.
(٥) سقط من ط : «هو».
(٦) الرضي وابن هشام نقلا أن المبرد أجاز رفع «الله» في الآية على البدل ، لأن لو في معنى النفي ، ولكنّ المبرد جعل «إلّا الله» في الآية صفة ، انظر المقتضب : ٤ / ٤٠٨ ، وانظر كلام السيرافي في حاشية الكتاب : ٢ / ٣٣٢ ، والإنصاف : ٢٧٢ ، وشرح الكافية للرضي : ١ / ٢٤٧ ، ومغني اللبيب : ٧٤.
(٧) في د. ط : «تقديرا».