قبله ، ألا ترى أنّك لا تقول : «جاءني رجال إلّا زيدا» ، فكذلك لا يستقيم أن تقول : لو كان فيهما آلهة إلّا الله [بالنصب](١) ، وقوله (٢) :
وكلّ أخ مفارقه أخوه |
لعمر أبيك إلّا الفرقدان |
قال الشيخ : فيه شذوذان :
أحدهما : أنّه وصف المضاف ههنا ، وهو «كلّ» ، والقياس أن يوصف المضاف إليه في «كلّ» ، وهو مع ذلك جائز ، وحمله على ذلك ضرورة الرّدف بالألف ، فإنّها لازمة ، وهو المعنى الذي حمله على الوصفيّة ، ولو جاز له أن يقول : إلّا الفرقدين من (٣) غير ضرورة تحمله لم يحمل على الخفض الذي هو ضعيف ، ولحمل (٤) على الاستثناء فالذي حمله على أن يجعل «إلّا» صفة هو الحامل له على أن يكون صفة لكلّ ، وإلّا لم يحصل / له غرض.
والشذوذ الثاني : أنّه فصل بين الصفة والموصوف بالخبر ، وهو قليل. (٥)
قال : «وتقول : ما جاءني من أحد إلّا زيد ، فتحمله على البدل من الموضع ، لا من اللّفظ» (٦).
قال الشيخ : إنّما كان كذلك لتعذّر الحمل على اللّفظ من حيث إنّ «من» لا يصحّ تقديرها بعد «إلّا» ، لأنّها لا تزاد إلّا في سياق النفي ، وإذا بطل الحمل على اللّفظ وجب الحمل على المحلّ (٧) ، والمحلّ رفع ، فوجب الرفع على المحلّ ، لأنّ تقدير «جاءني زيد» مستقيم ، وكذلك إذا قلت : «ما
__________________
(١) سقط من الأصل. ط. وأثبته عن د.
(٢) هو عمرو بن معد يكرب الزبيدي ، والبيت في ديوانه : ١٨١ ، والكتاب : ٢ / ٣٣٤ ، والبيان والتبيين : ١ / ٢٢٨ ، والكامل للمبرد : ٤ / ٧٦ ، ونسبه الآمدي في المؤتلف والمختلف : ١١٦ إلى حضرميّ بن عامر ، وقال البغدادي : «وهذا البيت جاء في شعرين لصحابيين أحدهما عمرو بن معد يكرب ، الثاني حضرمي بن عامر» الخزانة : ٢ / ٥٥ ، وورد البيت بلا نسبة في المقتضب : ٤ / ٤٠٩ وأمالي المرتضى : ٢ / ٨٨ ، والإنصاف : ٢٧١ ، والمغني : ٧٦ ، والفرقدان : نجمان من القطب لا يفارق أحدهما الآخر ، الخزانة : ٢ / ٥٤.
(٣) في د : «على».
(٤) في ط : «ويحمل» ، تحريف.
(٥) نقل البغدادي كلام ابن الحاجب على البيت بإيجاز انظر الخزانة : ٢ / ٥٤.
(٦) تصرف ابن الحاجب بعبارة الزمخشري. قال الزمخشري : «وتقول : ما جاءني من أحد إلا عبد الله وما رأيت من أحد إلا زيدا ، ولا أحد فيها إلا عمرو ، فتحمل البدل على محل الجار والمجرور لا على اللفظ» المفصل : ٧١.
(٧) في د : «وجب على رأي سيبويه الحمل على المحل». وانظر الكتاب : ٢ / ٣١٥ ـ ٣١٦.