خبر مقدّر على حسب المعنى المراد (١) ، ومنهم من يقول : إنّه يظهر ، ومنهم من يجعله إذن كلاما مستأنفا (٢).
ثم تكلّم في الإعراب لأنّه هو المقصود ، فقال (٣) : «المستثنى في إعرابه على خمسة أضرب ، أحدها : منصوب أبدا ، وهو على ثلاثة أضرب (٤) منها (٥) ما استثني بإلّا من كلام موجب» احترازا من كلام غير موجب ، وهو القسم الثاني من الخمسة كما سيجيء (٦) ، ولم يحترز من (٧) الصفة ، وإن كان ما بعد إلّا لا يكون منصوبا لقوله : «ما استثني» ، وإذا كان صفة لم يستثن بها ، ألا ترى أنّ قوله / تعالى : (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ)(٨) لم يقصد إخراج الله من الآلهة ، وإنّما قصد الوصف ، والآلهة على حالهم ، ولو قصد الإخراج بإلّا لم يكن مستقيما ، وكان بمثابة قولك : «له عندي دراهم إلّا درهما» وليس له حينئذ فائدة.
«وبعدا وخلا بعد كلّ كلام».
ولم يعتبر الخفض بعد خلا وعدا (٩) لشذوذه ، فجعله ممّا يكون منصوبا أبدا ، ولذلك ضعّف ذلك القول وقال : «ولم يورد هذا القول سيبويه ولا المبرّد» (١٠).
__________________
(١) مذهب سيبويه أن العامل في الاستثناء المنقطع ما قبل إلّا من الكلام ، كما انتصب المتصل به ، انظر الكتاب : ٢ / ٣١٩ والمقتضب : ٤ / ٤١٢ ، وشرح الكافية للرضي : ١ / ٢٢٧.
(٢) ذهب أبو الحجاج بن يسعون إلى مثل هذا ، ورد الفارسي على هذا المذهب ، انظر البغداديات : ٢٢١ ، وارتشاف الضرب : ٢ / ٢٩٦ ، والهمع : ١ / ٢٢٣ ، ومن قوله : «وإنما هذا في» إلى «مستأنفا» نقله الصبان عن ابن الحاجب بتصرف ، انظر حاشية الصبان : ٢ / ١٤٣.
(٣) أي الزمخشري ، انظر المفصل : ٦٧ ، وقوله : «المستثنى في إعرابه» هو بداية بحث الاستثناء في المفصل.
(٤) في المفصل : ٦٧ «أوجه».
(٥) سقط من المفصل : «منها».
(٦) سقط من د : «كما سيجيء».
(٧) في الأصل. د. ط : «عن» ، تحريف. «احترزت من كذا وتحرزت أي توقيته». اللسان (حرز).
(٨) الأنبياء : ٢١ / ٢٢ والآية : (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا فَسُبْحانَ اللهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ).
(٩) في د : «الخفض بعدا وخلا».
(١٠) قال سيبويه : «وبعض العرب يقول : ما أتاني القوم خلا عبد الله ، فيجعل خلا بمنزلة حاشا» الكتاب : ٢ / ٣٤٩ ـ ٣٥٠ وقال المبرد : «وقد تكون خلا حرف خفض ..» المقتضب : ٤ / ٤٢٦ وقال الرضي : «قال السيرافي : لم أر أحدا ذكر الجر بعد عدا إلّا الأخفش ، فإنه قرنها في بعض ما ذكره بخلا في جواز الجر بها ، وقال أي السيرافي : ما أعلم خلافا في جواز الجر بخلا إلا أن النصب بها أكثر» شرح الكافية للرضي : ١ / ٢٢٩.