أنّها (١) ليست بأحوال ، وإنّما الأحوال الأفعال (٢) التي عملت فيها ، فقوله : أرسلها العراك ، أي : أرسلها تعترك العراك ، وكذلك بواقيها (٣).
ومذهب سيبويه وهو اختيار الزمخشريّ في كتابه أنّها مصادر معرّفة وضعت موضع الأسماء النكرات (٤) ، ولا بعد في كون الشيء يكون لفظه لفظ المعرفة ومعناه معنى النكرة ، بدليل قولهم : «مررت برجل مثلك» و «ضارب زيد» ، وقصد إلى أن يجعل الجميع مصادر استعملت للأحوال النكرات ، ليكون لفظا قد استعمل في غير موضعه (٥) الذي وضع التعريف له ، ولا بعد في أن يكون اللفظ في الأصل معرفة لشيء ثم ينقل (٦) مجازا لشيء منكّر ، ويجوز أن يقال : إنّ التعريف في هذه الأشياء ليس تعريفا لمعهود في الوجود (٧) ، وإنّما هو لمعهود في الذهن (٨) ، والمعهود في الذهن يكون باعتبار الوجود في المعنى كالنكرات ، فجاءت هذه أحوالا ، وإن كان لفظها لفظ المعرفة باعتبار الوجود ، وهي معارف باعتبار الذّهن ، كما أنّ «أسامة» / معرفة باعتبار الذّهن نكرة باعتبار الوجود (٩) كما تقدّم ، وإنّما وجب التقديم إذا كان صاحبها نكرة لئلّا تلتبس بالصفة في قولك : «ضربت رجلا قائما» ، فحينئذ يقع اللّبس ، وإذا قدّمت ارتفع اللّبس لأنّ الصفة لا تتقدّم.
قوله : «والحال المؤكّدة».
وحدّها أن يكون صاحبها متضمّنا معناها ، وتكون بعد جملة اسميّة لا عمل لها كما صرّح به ههنا ، كقولك : «زيد أبوك عطوفا» ، فإنّ (١٠) الأبوّة تتضمّن العطف ، وكذلك الباقي (١١).
__________________
(١) في د : «إلى أنها».
(٢) في ط : «للأفعال» ، تحريف.
(٣) انظر الإيضاح للفارسي : ٢٠٠ والمقتضب : ٣ / ٢٣٧ ، وارتشاف الضرب : ٢ / ٣٣٨.
(٤) انظر الكتاب : ١ / ٣٧٢ والمفصل : ٦٣.
(٥) في د : «موضوعه» ، تحريف.
(٦) في ط : «نقل».
(٧) بعدها في د : «الخارجي».
(٨) في د : «لمعهود موجود في الذهن».
(٩) بعدها في د : «الخارجي».
(١٠) في د : «قال» مكان «فإن» ، تحريف.
(١١) في د. ط : «البواقي» ، أي سائر الأمثلة التي ساقها الزمخشري.