قولك : «جاءني رجل عالم» لا يدلّ إلّا على هيئة ذات ، وإنّما أخد كونه فاعلا من غير جهة دلالتها [بالوضع](١) ، بخلاف الحال ، فإنّها موضوعة دالّة على هيئة فاعل أو مفعول بنفسها ، وتبيين ذلك بأنّك (٢) تقول : «زيد رجل عالم» فتجد دلالة «عالم» في مثل ذلك كدلالته فيما تقدّم ، ولا تقول : «زيد قائما أخوك» لانتفاء الفاعل والمفعول ، فثبت أنّ وضع الحال للدلالة (٣) على هيئة الفاعل [أو المفعول](٤) دالا عليه ، والصفة دالّة على هيئة ذات مطلقا من غير تقييد (٥).
وقد حدّ بعضهم الحال بأن (٦) قال : هو اللّفظ الذي يبيّن كيفيّة وقوع الفعل ، وهو في المعنى أيضا مستقيم ، وإن كان الأوّل أوضح في باب الحدود ، لأنّه ذكر فيه الماهيّة باعتبار الوضع ، لأنّ ماهيّة (٧) الألفاظ الموضوعة إنّما هو باعتبار موضوعاتها ، وليس في هذا إلّا ذكر اللّازم (٨) ، وهو كيفيّة وقوع الفعل ، والحال في قولك «جاءني زيد راكبا» ليس ماهيّتها في الوضع بيان كيفيّة وقوع الفعل ، وإنّما موضوعها ذات قام بها المعنى المشتقّة هي (٩) منه ، ولكنّهم وضعوها (١٠) وضعا مقيّدا بالفاعل خاصّة ، فجاء ذلك من لازمها ، لأنّه من ماهيّة موضوعها.
وأمّا قول بعض النحويّين في حدّها : «الحال (١١) كلّ نكرة جاءت بعد معرفة قد تمّ الكلام دونها» ، فممّا لا حاصل له ، لأنّ حدّ الألفاظ إنّما يكون باعتبار مدلولاتها حسب ما تقدّم ، وهذا الحدّ عريّ عن المعنى ، وأمّا قوله (١٢) : «قد تمّ الكلام» ، فليس أيضا بمعنى يتعلّق بمدلول الحال ،
__________________
(١) سقط من الأصل. ط. وأثبته عن د.
(٢) في د : «بأن».
(٣) في د : «الدالة» ، تحريف.
(٤) سقط من الأصل. ط. وأثبته عن د.
(٥) بعدها في د : «بهذه الصفة».
(٦) في د : «الحال هو بأن» ، مقحمة.
(٧) في د : «هيئة» ، تحريف.
(٨) في د : «الملازمة» ، تحريف.
(٩) في د : «الحال».
(١٠) في د : «وضعوا الحال».
(١١) سقط من ط : «الحال».
(١٢) أي : بعض النحويين.