وأمّا الموضع الذي يستوي فيه الأمران فأن تكون الجملة الأولى ذات وجهين مشتملة على جملة اسميّة وجملة فعليّة ، فيكون الرفع على تأويل الاسميّة والنصب على تأويل الفعليّة ، فإن زعم زاعم أنّ هذا المعنى يقتضي تقابلهما فيرجع الأمر إلى ما كان عليه وهو اختيار الرفع /.
فالجواب (١) أنّ قرينة النصب أقوى من قرينة الرفع لقربها من الثانية ، لأنّ الفعليّة منهما هي التي تلي الثانية ، فلمّا ترجّحت عليها قابل ما فيها من الرّجحان ذلك الأصل ، وقابلت هي باعتبار نفسها الجملة (٢) الاسميّة ، فاستوى الأمران لذلك ، فلذلك كان «زيد قام وعمرو أكرمته وعمروا أكرمته» (٣) مستويين (٤).
وأمّا القسم الرابع الذي يجب فيه النصب فلأنّه ولي الجملة ما لا يجوز أن يكون بعده إلّا الفعل ، فوجب تقدير الفعل بعده لما يقتضيه ، وإذا وجب تقدير الفعل وجب النصب ، إذ الرفع لا يكون إلّا بالابتداء ، وقد تبيّن أنّ الموضع موضع لا يقع فيه المبتدأ ، كقولك : «إن زيدا أكرمته أكرمته» ، ألا ترى أنّك لو رفعت لأوقعت (٥) المبتدأ بعد حرف الشّرط ، وهو غير جائز ، فوجب تقدير الفعل ، والغرض أنّه متعدّ فوجب تقديره متعدّيا إليه ، فوجب نصبه لتعلّقه به تعلّق المفعوليّة ، ولذلك وجب نصب مثل قوله (٦) :
لا تجزعي إن منفسا أهلكته |
وإذا هلكت فعند ذلك فاجزعي |
وكذلك «هلّا زيدا ضربته» وما كان مثله.
وأمّا قولهم : «زيد قام» (٧) و «زيد ضرب» فليس من هذا الباب ، إذ ليس مسلّطا (٨) على ضمير
__________________
(١) في د. ط : «والجواب» ، خطأ. وجاء بعدها في د : «فيه».
(٢) في ط : «بالجملة» ، تحريف.
(٣) سقط من ط : «وعمروا أكرمته».
(٤) في ط : «مستويان» ، خطأ.
(٥) سقط من ط : «لأوقعت» ، وهو خطأ.
(٦) هو النمر بن تولب ، والبيت في ديوانه : ٧٢ والكتاب : ١ / ١٣٤ وأمالي ابن الشجري : ١ / ٣٣٢ ، والمقاصد للعيني : ٢ / ٥٣٥ والخزانة : ١ / ١٥٢ ، وورد بلا نسبة في المقتضب : ٢ / ٧٦ والمغني : ١٧٩ ، وشيء نفيس ومنفوس ومنفس بالضم : يتنافس فيه ويرغب. الخزانة : ١ / ١٥٣.
(٧) في د : «قائم» ، تحريف.
(٨) في ط : «متسلطا».