«فصل : ومن المنصوب باللّازم إضماره قولك في التحذير» إلى آخره
قال الشيخ : هذا ينقسم إلى قسمين : منه ما هو سماعيّ (١) ، وعلّة حذف فعله ما (٢) تقدّم في «سقيا ورعيا» وبابه ، ومنه ما هو قياسيّ (٣) ، فالقياسيّ ما بدأ به في قوله : «إيّاك والأسد» ، وهو كلّ موضع كان الاسم فيه (٤) محذّرا (٥) ، وذكر المحذّر منه بعده بحرف العطف أو بحرف الجرّ ، كقولك : «إيّاك والأسد» ، وكقولك : «إيّاك من الأسد» ، وأصله نحّك (٦) ، إلّا أنّ الضميرين إذا كانا لشيء واحد وجب إبدال الثاني بالنّفس في (٧) غير أفعال القلوب ، فصار / تقديره (٨) نحّ نفسك ، ثمّ حذف الفعل بفاعله فزال الموجب لتغيير إضمار الثاني فوجب رجوعه إلى أصله ، إلّا أنّه لا يمكن الإتيان به متّصلا لعدم ما يتّصل به ، فوجب أن يكون منفصلا ، وهذا المذكور بعده إن كان بحرف الجرّ فظاهر تعلّقه بالفعل المحذوف ، وإن كان بالواو فهو معطوف على «إيّاك» ، كأنّك قلت : نحّ نفسك ونحّ الأسد ، ولا يجوز أن تقول : «إيّاك الأسد» كما يزعم بعض النحويّين ، ونصّ سيبويه على ذلك (٩) ، لأنّه إن كان عن قولك : «إيّاك والأسد» فلا يجوز حذف حرف العطف ، وإن كان عن قولك : «إيّاك من الأسد» فحرف الجرّ لا يحذف في مثل ذلك.
وأمّا قوله (١٠) : «إيّاك وأن تقوم» و «إيّاك من أن تقوم» ، فهذا جائز أن تقول : «إيّاك أن تقوم» ، وحينئذ يجب حمله على «إيّاك من أن تقوم» ، وحذف حرف الجرّ ، لأنّ حرف الجرّ يحذف عن «أن» قياسا ، ولا يجوز أن يكون من قولك : «إيّاك وأن تقوم» (١١) ، لأنّ حرف العطف لا يحذف
__________________
(١) في د : «قسم منه سماعي».
(٢) في د : «وعلة حذفه ما» .. وهو خطأ.
(٣) في د : «وقسم منه قياسي».
(٤) سقط من د : «الاسم فيه» ، خطأ.
(٥) في ط : «محذورا» ، تحريف.
(٦) في ط : «تخلّ» ، تحريف.
(٧) في د : «من».
(٨) في د. ط : «التقدير».
(٩) انظر الكتاب : ١ / ٢٧٩ والمقتضب : ٣ / ٢١٣ ، وشرح الكافية للرضي : ١ / ١٨٣.
(١٠) يظهر أن هذا قول الزمخشري ، ولكنه ليس في المفصل ولا في شرح ابن يعيش ، ولعل الصواب : «قولهم»
(١١) سقط من ط من قوله : «لأن حرف الجر يحذف» إلى «تقوم» ، وهو خطأ.