قوله :
«المنصوب باللّازم إضماره ، منه المنادى».
قال الشيخ : لم يحدّه لإشكاله (١) ، وذلك أنّه (٢) إن حدّه باعتبار المعنى ورد عليه قول القائل : مخاطبتي معك ، وأنت المراد بهذا الخطاب وما أشبهه ، وإن حدّه باعتبار اللّفظ ورد عليه المندوب والمخصوص في قولك : «أفعل كذا أيّها الرجل» و «نحن نفعل كذا أيّها القوم» ، والتحقيق أن يقال في حدّه : هو المطلوب إقباله بحرف نائب مناب أدعو لفظا أو تقديرا (٣) ، فالمطلوب إقباله جنس [شامل](٤) له ولغيره ، و «بحرف نائب مناب أدعو» فاصل (٥) ، وخرج المندوب عنه بأصل الجنس ، فإنّه ليس مطلوبا إقباله ، وسيأتي ذكره بحدّه ، وممّا يدلّ على أنّه أشكل (٦) عليه حدّه أنّه جعل المندوب منادى لمّا فصّل أحكام المنادى في الإعراب والبناء ، فقال في آخر الفصل : «أو مندوبا كقولك : يا زيداه».
وقد اختلف النحويّون في المنادى ، هل هو مفعول به بفعل التزم إضماره فيكون من هذا الباب ، وعليه الأكثرون (٧) ، أو هو مفعول باسم فعل ، وهو يا وأيا وهيا ، فجعل هؤلاء حروف النداء أسماء أفعال (٨) ، والمنادى منصوب بها لفظا أو محّلا ، على ما يقوله المحققون في النصب
__________________
(١) قال الرضي : «والظاهر أن جار الله لم يحده لظهوره لا لإشكاله ، فإن المنادى عنده كل ما دخله يا وأخواتها ، والمندوب عنده منادى على وجه التفجع». شرح الكافية للرضي : ١ / ١٣١.
(٢) في ط : «لأنّه».
(٣) كذا حدّ ابن الحاجب المنادى في الكافية : ٨٩.
(٤) سقط من الأصل. ط. وأثبته عن د.
(٥) في ط : «فصل».
(٦) في ط : «إشكال» ، تحريف.
(٧) انظر الكتاب : ١ / ٢٩١ والمقتضب : ٤ / ٢٠٢ ، والتبيين عن مذاهب النحويين : ٤٤٢ ـ ٤٤٣ وشرح الكافية للرضي : ١ / ١٣١ ـ ١٣٢.
(٨) ممّن ذهب إلى هذا أبو علي الفارسي كما نقل ابن يعيش في شرح المفصل : ١ / ١٢٧ ، والرضي في شرح الكافية : ١ / ١٣٢ ، وانظر كتاب الشعر لأبي علي : ٦٧ ـ ٦٨ ، وذكر المرادي أنّه نقل عن الكوفيين أنّ «يا» وأخواتها التي ينادى بها أسماء أفعال تتحمل ضميرا مستكنا فيها. انظر الجنى الداني : ٣٥٥ ، وانظر ما تقدم ورقة : ٥ أمن الأصل.