وإضماره ، فثبت أنّه غير لازم ، ولا يستقيم أن يكون أراد بقوله : «وما يستعمل (١) إظهار فعله» ممّا له فعل ينصبه ، و «ما لا يستعمل إظهار فعله» ممّا لا فعل له ينصبه ، فإنّه فاسد من جهة أنّه (٢) لا مصدر إلّا وله فعل ينصبه في التقدير.
فالنّوع الأوّل كقولك للقادم من سفره : «خير مقدم» ، وهو ما قامت فيه قرينة تدلّ على الفعل المحذوف من غير زيادة ، ولمن يقرمط في عداته (٣) ، أي : يتردّد (٤) فيها ولا يفي : «مواعيد عرقوب» (٥) ، وعرقوب من العمالقة سأله أخوه شيئا فاستمهله إلى إطلاع نخله ، فلمّا أطلعت (٦) سأله فقال : حتّى تبلح ، ثمّ حتّى تزهي ، ثمّ حتّى ترطب ، ثمّ حتّى تصير تمرا ، فلمّا صار تمرا جدّه (٧) ليلا ولم يعطه شيئا ، فضرب مثلا في إخلاف الوعد ، قال الشّمّاخ (٨) :
وواعدتني ما لا أحاول نفعه |
مواعيد عرقوب أخاه بيثرب |
وقال الأشجعيّ (٩) :
__________________
(١) في د : «وما لا يستعمل» ، خطأ.
(٢) في د : «أن».
(٣) في د : «مواعيده».
(٤) في ط : «يردد» ، لم أجد هذا المعنى الذي ذكره ابن الحاجب لكلمة «يقرمط» ، قال الأزهري : «اقرمّط الرجل اقرمّاطا إذا غضب وتقبّض» التهذيب : ٩ / ٤٠٩ ، وقال الجوهري : «القرمطة في الخط : مقاربة السطور» الصحاح (قرمط).
(٥) روى الميداني قصة عرقوب مع أخيه في مجمع الأمثال : ٢ / ٣١١ ، وانظر الخلاف في أصل عرقوب في الفاخر : ١٣٣ ـ ١٣٤.
(٦) في ط : «طلعت». «طلع النخل طلوعا وأطلع وطلّع : أخرج طلعه» ، اللسان (طلع).
(٧) في ط : «جذّه». جدّ النخل وجذّه : صرمه ، انظر اللسان (جدد) و (جذذ).
(٨) البيت في ملحق ديوانه : ٤٣٠ ، وشرح أبيات سيبويه لابن السيرافي : ١ / ٣٤٣ وفرحة الأديب : ٨٢ ، وشرح المفصل لابن يعيش : ١ / ١١٣ ، وورد عجز البيت مفردا بلا نسبة في الكتاب : ١ / ٢٧٢ والخصائص : ٢ / ٢٠٧ ، وشرح الحماسة للمرزوقي : ١٣٠٦ ، وروى العسكري في شرح ما يقع فيه التصحيف والتحريف : ٣٣٨ ، صدرا لهذا العجز هو «لقد وعدتك موعدا لو وفت به» ، ولم ينسبه ، والرواية في شرح أبيات سيبويه لابن السيرافي وفرحة الأديب ، وشرح المفصل لابن يعيش وشرح ما يقع فيه التصحيف والتحريف «بيترب» ، وفي الكتاب وملحق الديوان : «بيثرب» ، وفي الخصائص بالوجهين.
(٩) البيت بهذه نسبة في مجمع الأمثال : ٢ / ٣١١ ، وشرح بانت سعاد : ٤٣ ، والخزانة : ١ / ٢٧ والرواية في شرح بانت سعاد «بيثرب» ، وفي مجمع الأمثال والخزانة : «بيترب» ، وانظر معجم ما استعجم : ١٣٨٩.