مطلق الوجود ، ثمّ لمّا كان للحال (١) شبه بالظّرف حذف لدلالته عليه ، فبقي «ضربي زيدا قائما».
المذهب الثاني : وهو مذهب الكوفيّين ، أنّ التقدير «ضربي زيدا قائما حاصل» ، فعلى هذا تكون الحال عندهم من تتمّة المبتدأ ، وعلى القول الأوّل تكون الحال من تتمّة الخبر المقدّر.
والمذهب الثالث : وهو مذهب بعض المتأخّرين ، واختاره الأعلم (٢) ، أنّ التقدير عنده : «ضربت زيدا قائما» ، فضربي ههنا ـ وإن كان مصدرا ـ قائم مقام الفعل ، فاستقلّت الجملة به وبفاعله (٣) ، كما استقلّت في «أقائم الزيدان» (٤).
والمذهب الصّحيح هو الأوّل ، وبيانه أنّ المعنى في قولك : «ضربي زيدا قائما» ، ما ضربت زيدا إلّا قائما ، وكذلك إذا قلت : أكثر شربي السّويق ملتوتا ، فإنّ (٥) معناه : / ما أكثر شربي للسّويق إلّا ملتوتا (٦) ، وهذا المعنى لا يستقيم كذلك إلّا على تقدير (٧) البصريّين ، وبيانه أنّ المصدر المبتدأ أضيف ، وإذا (٨) أضيف عمّ بالنسبة إلى ما أضيف إليه ، كأسماء الأجناس التي لا واحد لها (٩) ، وجموع الأجناس التي لها واحد إذا أضيفت أيضا عمّت ، ألّا ترى أنّك إذا قلت : «ماء البحار حكمه كذا» عمّ جميع مياه البحار ، وكذلك إذا قلت : «علم زيد حكمه كذا» عمّ جميع علم زيد ، فقد وقع المصدر أوّلا عامّا غير مقيّد بالحال ، إذ الحال من تمام الخبر ، ثم أخبر (١٠) عنه بحصوله في
__________________
(١) في د. ط : «في الحال».
(٢) بعدها في د : «المغربي ، شارح أبيات كتاب سيبويه» ، وانظر تحصيل عين الذهب : ١ / ٩٨ وشرح الكافية للرضي : ١ / ١٠٥.
(٣) في د : «الجملة بالفعل وبفاعله».
(٤) ذكر ابن مالك والرضي هذه المذاهب في هذه المسألة منسوبة إلى أصحابها في شرح التسهيل : ١ / ٢٨٠ ـ ٢٨١ وشرح الكافية : ١٠٥ ـ ١٠٦ ، وبسط السيوطي في الهمع : ١ / ١٠٥ ـ ١٠٦ الكلام على مذاهب النحويين فيها ، وله كراسة تكلم فيها على هذه المسألة ، وذكر خلاف العلماء وأدلتهم فيها ، انظر الأشباه والنظائر : ٤ / ٦٤١ ـ ٦٥٠ وانظر كلام ابن الحاجب في شرحه للكافية : ٢٥.
(٥) في د : «إن».
(٦) في د : «ما أكثر الشرب إلا ملتوتا» تحريف ، وفي ط : «ما أكثر شربي إلا ملتوتا» ، خطأ.
(٧) في د : «مذهب» ، وفي ط : «تقدير مذهب البصريين».
(٨) في د : «فإذا».
(٩) بعدها في د : «كالعلم والتراب ..» وجموع.
(١٠) في د : «أخبرت».