مؤخّرا لجوّز السامع عند سماعه أوّل كلامه (١) أن يكون ذلك (٢) من كلّ واحد من أقسام الكلام ، فيبقى في حيرة واشتغال خاطر ، وإنّما كانت خبرا لأنّك إمّا أن تجعل «أين» مبتدا و «زيد» الخبر أو لا ، باطل أن تكون هي وأمثالها مبتدأ ، لأنّ المبتدأ والخبر شيء (٣) واحد ، والمبتدأ يكون مرفوعا ، ومحال أن تكون الأينيّة هي زيدا ، وزيد هو الأينيّة ، وإذا ثبت ذلك فلا يجوز أن تكون إلّا خبرا ، وإذا كانت خبرا كان ظرفا متعلّقا بمحذوف ، وذلك المحذوف هو في المعنى ذلك المبتدأ المذكور.
قال : «ويجوز حذف أحدهما».
قال الشيخ : الحذف على قسمين : واجب وجائز.
فالجائز أن تقوم قرينة لفظيّة أو حاليّة على الحذف ، فمن حذف المبتدأ إذا قامت عليه القرينة قول المستهلّ : «الهلال والله» وذلك عند ترائي الناس الهلال ، وشبهه.
والحذف الذي يكون واجبا أن يقع مع ما تقدّم لفظ موقع الخبر يسدّ مسدّه ، فحينئذ يكون الحذف واجبا (٤) ، وسيأتي أمثلة تدلّ على ذلك.
ثمّ قال : «ومن حذف الخبر قولهم : خرجت فإذا السّبع».
«إذا» ههنا للمفاجأة ، وهي تدلّ على الوجود ، فلا يخلو إمّا أن تريد وجودا مطلقا أو لا تريد ذلك ، فإن أردت ذلك الوجود المطلق جاز حذف الخبر ، وإن لم ترد الوجود ولكن أردت قياما أو قعودا أو ما أشبه ذلك فلا بدّ من ذكره ، إذ ليس فيه ما يدلّ عليه ، كما إذا قلت : «زيد في الدار» ، فإمّا أن تريد الوجود ، أو أمرا آخر كما تقدّم ، فإن أردت الوجود فلا تأتي به ، وإن أردت غيره لم يكن بدّ منه ، إذ ليس فيه ما يدلّ عليه.
«وقوله تعالى : (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ*)(٥) يحتمل الأمرين».
يعني من حذف المبتدأ أو حذف الخبر.
__________________
(١) في ط : «كلمة».
(٢) سقط من د : «ذلك» وهو خطأ.
(٣) في د : «كشيء».
(٤) سقط من ط. من قوله : «أن يقع مع» إلى «واجبا» ، وهو خطأ.
(٥) يوسف : ١٢ / ١٨ ، ٨٣.