قال الشيخ : إلّا أنّ حذف المبتدأ أولى (١) من أوجه :
أحدها : أنّ حذف المبتدأ أكثر ، وحمل الشيء على الأكثر / أولى من حمله على الأقلّ.
ثانيها : أنّ الكلام سيق للتّمدّح بحصول الصّبر له (٢) ، فجعل المبتدأ محذوفا يحصّل هذا المعنى ، وجعل الخبر محذوفا لا يحصّله (٣) ، لأنّه غير (٤) مخبر بأنّ الصّبر الجميل أجمل بمن قام به ، ولذلك يقول المتكلّم : الصّبر الجميل أجمل ، ولم يرزق منه شيء.
ثالثها : أنّ المصادر المنصوبة إذا ارتفعت ينبغي أن تكون على معناها وهي منصوبة ، وهي في النّصب ، إذا قلت : صبرت صبرا جميلا ، فأنت في حال النّصب مخبر بالصّبر ، وإذا جعلت المبتدأ محذوفا في حال الرّفع كنت مخبرا بالصّبر ، فهو موافق للمنصوب فهو (٥) أولى.
ورابعها : هو أنّ المبتدأ إذا كان محذوفا كانت قرينة حاليّة وهي (٦) قيام الصبريّة دليلا على المبتدأ المحذوف ، فيحسن حذفه ، وإذا كان الخبر هو المحذوف وليس ثمّة قرينة لفظيّة ولا حاليّة تدلّ على خصوص (٧) الخبر المحذوف كان (٨) ما ذكرته (٩) من حذف المبتدأ أولى.
ثمّ قال : «وقد التزم حذف الخبر في قولهم : «لو لا زيد لكان كذا» لسدّ الجواب مسدّه».
وقد تقدّم ضابط ذلك ، وقد قيل (١٠) في المرفوع بعد لو لا : إنّه فاعل فعل (١١) مقدّر ، أي : لو لا
__________________
(١) مذهب سيبويه أن المحذوف من الآية هو المبتدأ ، انظر الكتاب : ١ / ٣٢١ وإعراب القرآن لأبي جعفر النحاس : ٢ / ٣١٨.
(٢) العبارة في ط : «أن الكلام سبق للمدح بحصول الضمير له» ، تحريف.
(٣) في د : «لا يحصل به».
(٤) سقط من د : «غير» ، خطأ.
(٥) في د. ط : «فكان».
(٦) في د : «وهو» تحريف.
(٧) في ط : «خصوصية».
(٨) في د. ط : «فكان» ، تحريف.
(٩) في ط : «ذكره» ، تحريف.
(١٠) في د. «وقد قال الكوفيون». والقائل بذلك الكسائي لا الكوفيون كلهم ، وانظر ما سيأتي. ص : ١٦١ ، ح : ٢.
(١١) في د : «بفعل».