وقول أبي عليّ «سواء مبتدأ» لأنّ الجملة لا تكون مبتدأ (١) مردود بأنّ المعنى : سواء عليهم الإنذار وعدمه ، وبأنّه كان يلزم عود الضمير (٢) إليه ، ولا ضمير يعود عليه (٣) في هذا الباب كلّه ، وقد تقدّم الكلام على تقديم الخبر على المبتدأ إذا كان ظرفا أو جارّا ومجرورا.
وأمّا قوله : «سلام عليك ، وويل له (٤)» فأورده اعتراضا على قوله : «وقد التزم تقديمه فيما وقع فيه المبتدأ نكرة والخبر ظرفا».
فهذا نكرة وخبره ظرف ، ولم يلزم تقديمه ، فقال : هذا المصحّح للابتداء به (٥) غير التقديم ، كما أنّ المصحّح لقولك : «رجل عالم في الدار» ، غير التقديم ، ثم بيّن المصحّح فيه لكونه لم يتقدّم ذكره ، وإن كان بابه ما تقدّم ، وبيّن أنّ المصحّح كونه في المعنى بمنزلة المصدر المنصوب ، وإذا كان في المعنى بمنزلة المصدر المنصوب كان معلوما نسبته إلى فاعل فعله ، فتخصّص لأنّ معنى «سلاما» سلّمت سلاما عليك ، فالسّلام المذكور سلام فاعل الفعل المقدّر ، وهو في الرّفع على ذلك المعنى ، فهو مخصّص في المعنى ، إذ تقديره : سلامي أو سلام منّي ، فقد صار مقرّبا من المعرفة لذلك. (٦)
ثمّ قال : «وفي قولهم : أين زيد ، وكيف عمرو ، ومتى القتال» عطفه على قوله : «فيما (٧) وقع» في قوله : «وقد التزم تقديمه فيما وقع فيه المبتدأ نكرة والخبر ظرفا» ، وهذا (٨) ممّا التزم فيه تقديم الخبر على المبتدأ ، فلا (٩) يكون إلّا مقدّما ، ولا يكون إلّا خبرا ، وإنّما كانت مقدّمة لأنّه قسم من أقسام الكلام (١٠) ، وكلّ باب من / أبواب الكلام فالقياس أن يتقدّم أوّله ما يدلّ عليه كحرف الشرط والاستفهام والتمنّي والنّفي والترجّي والتشبيه والنداء ، وإنّما كان كذلك لأنّهم قصدوا تبيين القسم المقصود بالتعبير عنه ليعلمه السّامع من أوّل الأمر ليتفرّغ فهمه لما عداه ، لأنّه لو كان
__________________
(١) في د : «مبتدأه» ، وانظر ما تقدم ورقة : ٤٠ أ.
(٢) في د : «ضمير».
(٣) في ط : «إليه».
(٤) في المفصل : ٢٥ «لك».
(٥) في د : «للابتدائية».
(٦) انظر ردّ الرضي على ابن الحاجب في هذه المسألة في شرح الكافية : ١ / ٩٠ ـ ٩١.
(٧) في د : «ما» ، تحريف.
(٨) في د. ط : «هذا».
(٩) في د. ط : «ولا».
(١٠) لعله أعاد الضمير على أسماء الاستفهام ، ثم أعاده على واحد منها.