مبعثه لسرت بخيلي ورجلي ، حتى أصير بيثرب دار مملكته ، فإني أجد في الكتاب الناطق ، والعلم السابق ، أن يثرب استحكام ملكه وأهل نصرته ، وموضع قبره فيها ، ولو لا أني أقيه الآفات ، وأحذر عليه العاهات ، لأوطأته العرب ، ولكني صارف إليك ذلك ، عن غير يقين بمن معك ، ثم أمر لكل واحد من قومه بجائزة (١) ، وأجاز عبد المطلب بأضعافها ، ثم قال له : إئتني بخبره ، وما يكون من أمره على رأس الحول ، فمات سيف قبل أن يحول عليه الحول.
وقد جاء في بعض الأحاديث : أخبرنا رسول الله ، صلىاللهعليهوسلم عن صفته في التوراة : «عبدي أحمد المختار ، مولده مكة ، ومهاجره بالمدينة ـ أو قال : طيّبة ـ أمته الحمادون لله على كل حال» (٢).
وقيل : في معنى قوله تعالى (وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى)(٣) أي : وجدك ضالا عن الهجرة ، فهداك إليها (٤). وقيل : وجدك ضالا بين مكة والمدينة فهداك إلى المدينة (٥).
وقيل : في قوله تعالى (التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ الْحامِدُونَ السَّائِحُونَ)(٦) أن السائحين : المهاجرون (٧).
وقيل : لم يهاجر النبي ، صلىاللهعليهوسلم ، حتى طلب الهجرة ، لقوله تعالى حكاية
__________________
(١) لمعرفة الجائزة انظر : الأزرقي : أخبار مكة ١ / ١٥٣ ، الحميري : ملوك حمير ص ١٥٥ ، ابن كثير : البداية والنهاية ٢ / ٣٠٦.
(٢) ذكره القاضي عياض في الشفا ١ / ١٥ ، والنهرواني في تاريخ المدينة (ق ١٤).
(٣) سورة الضحى آية (٧).
(٤) انظر : القرطبي : الجامع ٢٠ / ٩٧.
(٥) انظر : القاضي عياض : الشفا ٢ / ٩٥ ، النهرواني : تاريخ المدينة (ق ١٤).
(٦) سورة التوبة آية (١١٢).
(٧) انظر : القرطبي : الجامع ٨ / ٢٧٠ ، النهرواني : تاريخ المدينة (ق ١٤).