الفصل الثاني
في ذكر هجرة النبي صلىاللهعليهوسلم وأصحابه إلى المدينة المشرفة
اعلم أن هجرة النبي ، صلىاللهعليهوسلم ، إلى المدينة هي من بعض معرفة دلائل صفات نعوته في الكتب الإلهية ، وقد نطقت الأخبار بأن المدينة دار هجرة نبي يخرج في آخر الزمان (١).
ذكر صاحب «الدر المنظم» (٢) ، والشهرستاني في كتابه «أعلام النبوة» في قصة مختصرها (٣) : أن سيف بن ذي يزن الحميري (٤) لما ظفر بالحبشة ، وذلك بعد مولد رسول الله ، صلىاللهعليهوسلم ، قصدته وفود العرب بالتهنئة ، وخرج إليه وفد قريش ، وفيهم عبد المطلب إلى صنعاء ، وهو في قصره المعروف : بغمدان (٥) ، فلما دخلوا عليه ، واتفق ما اتفق ، قال سيف لعبد المطلب : «إني وجدت في الكتاب المكنون ، والعلم المخزون ، الذي اخترناه لأنفسنا دون غيرنا ، خبرا جسيما ، وخطرا عظيما ، فيه شرف الحياة وفضيلة الوفاة ، وهو للناس عامة ، ولرهطك كافة ، ولك خاصة ، ثم قال له : إذا ولد بتهامة غلام به علامة كانت له الإمامة ، ولكم به الزعامة / إلى يوم القيامة ، ولو لا أن الموت يجتاحني قبل
__________________
(١) كذا ورد عند النهرواني في تاريخ المدينة (ق ١٢).
(٢) كتاب «الدر المنظم في مولد النبي الأعظم» ألفه أحمد بن معد أبو العباس الأندلسي ، المحدث (ت ٥٥٠ ه). انظر : القفطي : انباه الرواة ١ / ١٣٦ ، ابن العماد : شذرات الذهب ٤ / ١٥٤ ، البغدادي : ايضاح المكنون ١ / ٤٥٢ ، الزركلي : الأعلام ١ / ٢٥٩.
(٣) القصة أوردها الأزرقي في أخبار مكة ١ / ١٤٩ ـ ١٥٤ ، والبيهقي في دلائل النبوة ٢ / ٩ ـ ١٤ ، وابن الجوزي في المنتظم ٢ / ٢٧٦ ـ ٢٨٠ ، والحميري في ملوك حمير ص ١٤٩ ـ ١٥٥.
(٤) سيف بن ذي يزن ، أحد ملوك حمير ، توج ملكا على اليمن بمساعدة كسرى ، قتله حرسه من السودان. انظر : الأزرقي : أخبار مكة ١ / ١٥٩ ، الهمذاني : ملوك حمير ص ١٤٩.
(٥) قصر غمدان : بضم أوله وسكون ثانيه ، قصر عظيم بين صنعاء ، وطيوه. انظر : ياقوت : معجم البلدان ٤ / ٢١٠.