وفي مدة إقامتنا في وادي يبا كانت الإبل ، وهي ألفان والهجان ، وهي أربعة آلاف ، والخيل ، وهي خمسمائة ، والبغال وجميع الدواب التي مع العرب تأكل من الحبوب المتروكة من العصاة ، حتى ارتحلنا وهي لم تنفذ لكثرتها.
وفي صبيحة يوم الثلاثاء الرابع والعشرين منه ، بينما نحن سائرون إذ شعرنا أن القوم كامنون لنا في مضايقة المسماة بريع الحجاية ، وقد حصّنوا أنفسهم تحصينا تامّا ، فلما علم دولة الأمير بذلك رتّب الترتيبات اللازمة وجمع الجيش كله من عرب وأتراك ، وأخذ الكشاف بيده لاكتشاف القوم حتى عرف مكانهم ، فلما عرفنا تماما ، أمر باتجاه المدافع إليهم ، وكان دولته قائدا لها وبجانبه نشأت باشا.
ثم أمر كافة الأشراف والعربان والعساكر النظامية الجندرمة أن يتسلقوا الجبل المقابل للعدو ، وأمر بإطلاق المدافع ، فصارت ترسل مقذوفاتها على استحكاماتهم حتى دمرتها ، ثم هجم الجيش بأجمعه عليهم ، ودام القتال بيننا وبينهم إلى أن انهزم بعد ساعتين من الزمن ، وجدنا من قتلاهم سبعة ، خلاف الذين حملوهم ، وقتل من قومنا نفر من عساكر بيشة وآخر نظامي.
ثم نزلنا الساعة الرابعة من يوم الثلاثاء المذكور ، ورتّب دولة الأمير على كل جبل كمينا يراقب القوم خوفا من هجومهم علينا ليلا ، ثم بتنا في مكاننا وسرنا منه منتصف الساعة الثانية عشر صباح يوم الأربعاء الرابع والعشرين منه ، وقيلنا في مكان اسم الزبارة وسط الوادي ، وهو المرحلة الثانية عشر من مكة ، وبتنا به.