وفي صباح الخميس الخامس والعشرين منه : سرنا إلى الساعة الحادية عشر ، وفيما نحن سائرون وسط الوادي والجبال الشاهقة تحفّنا من الجانبين ، ونحن في مضايق عسرة المسالك ، إذ حضر العيون الذين في المقدمة لكشف مكامن العدو ، وأخبروا دولة الأمير أن القوم عند ما انهزموا في القتال جمعوا أنفسهم وكمنوا لنا في مكان يقال له سهول ، وهو من عسر المضايق ، وعددهم يزيد عن سبعة آلاف مقاتل ، والقائد لهم السيد عرار نائب الإدريسي بتلك الجهة ، فرتّب دولة الأمير الترتيبات اللازمة.
ولما أقبلنا على مكامن القوم بادأناهم من بعد بضرب المدافع ، ولما كشفنا المضايق الكامنين فيها وجدنا الطريق يمر وسطها ولا يوجد لنا طريق خلافه ، فهنالك أيقنّا بالهلاك ، وتعاهد الجيش بأجمعه على اقتحام هذا الطريق الذي لا يوجد غيره للوصول إلى أبها الذي نريد فك حصارها ، إذ لو سقطت في أيديهم لا يمكن ردّها إلّا بعد تضحية آلاف من الأنفس ، لذلك صار دولة الأمير يشجّع القوم على القتال.
وقد استمر تسع ساعات ، والمدافع الجبلية والمترليون تقذف عليهم نيرانها ، والأشراف والعرب تهجم عليهم من كل جانب ، حتى انجلوا عن مكانهم وانكسروا شر كسرة ، وولوا مدبّرين وتتبعهم أبطالنا ، ولم يزالوا وراءهم حتى أجلوهم من كافة مضايق سهول ، وذهبوا إلى واد فسيح اسمه بارق. ولما برحوا من الوعر إلى السهل اقتفى أثرهم الفرسان من جيشنا ، وساروا يضربونهم بالسلاح الأبيض حتى دارت الدائرة وتركوا هذا المكان أيضا.
وبعد ذلك نزلنا في وادي بارق المذكور عند قرية تسمى العجم ،