ابن رشيد
أما ابن رشيد فقد قلنا إنه نزل الكهفة بعد وقعة الحجناوي وتلافى عليه فلول جيشه ومن بقي من عسكر الدولة ، وأقام فيها ثلاثة أشهر ورسله وتلغرافاته متواترة بواسطة بعض معتمديه في البصرة ، وقد بالغ في استنجاد الدولة وجسّم لها الأخطار التي تهدد الجزيرة من ابن سعود وحلفائه ، وزعم أنّ ابن سعود لم ينقلب عليه إلّا بنجدات وعتادات حربية ، ترد إليه من البحر بواسطة مبارك الصباح.
كانت هذه التلغرافات والشكاوى من ابن رشيد ترد بالوقت الذي ترد فيه استرحامات ابن سعود وتدخله على الدولة ، فحارت الدولة بالأمر ورابها عمل ابن رشيد ، والتزمت جانب الحيطة والتروي ، فأرادت التثبت بالأمور وتحقيق الحالة ، فطلبت عبد العزيز المتعب (١) لما فشلت محاولاته مع الدولة ، استأنف العمل بنفسه ، فأرسل بعض رجاله يبتاعون إبلا للرحلة عوضا عما فقده في وقعة الحجناوي ، فاشتري له فرحلها وغزى عليها ، وأغار على هتيم وهم من قبائل الشمال ، ولكنهم لم يذعنوا لطاعته فوجدهم قد انتذروا واحتموا عنه ، فلم يدرك منهم طائل ، فرجع عنهم وصار طريقه على حماعة البشرى من حرب ، وكان من أتباعه مخفرة وأخذ منه إبلا ومالا فساقها معه ، ونزل الكهفة كأنه لما خاب من عدوه أراد أن ينتقم من صديقه ، وكان ذلك في أواخر شهر القعدة سنة ١٣٢٢ ه.
وفي أواخر شهر ذي القعدة خرج الإمام عبد الرحمن الفيصل من الرياض قاصدا مواجهة والي البصرة ، إجابة لطلب الحكومة العثمانية ،
__________________
(١) التكملة ناقصة في الأصل.