فيه جميع أسباب الراحة ومطلق الحرية ، يذهب حيث يشاء من الأسواق والمساجد وغيرها ، إلّا أن معه مراقبين يسيرون معه حيث سار ، إلى أن يرجع إلى محله حيث يبقون عنده ، وكان يغشاه بعض من يجب الاجتماع به. وكان عباس باشا بن باشا كثير التردد إليه والأنس به ، ولم يكن لعباس باشا شيء من الأمر لوجود جده محمد علي وعمه إبراهيم باشا. وجاء ذات يوم عباس باشا عند فيصل كعادته وكان فدار الحديث يومئذ عن نجد وحوادثها وهروب خالد بن سعود واستيلاء ابن ثنيان ، فقال فيصل : لو تفضل أفندينا بمساعدتنا على الرجوع إلى نجد لأمكننا الاستيلاء عليها وطرد المتغلب منها ، فمال عباس إلى إجابة طلبه ثم غفل عنه أياما ، فلما كانت بعد ذلك قال له : هل لازلت تؤمل بحراك الأمل ، قال : إذا تفضل أفندينا بذلك ، قال : لا يكون إلّا خيرا. ثم إن عباس جهز جيشا وأعد عليه ما يلزمه وجعله خارج البلاد مسافة نحو ساعة ، وأرسل إلى فيصل وقال : أن الجيش مجهز بالمكان الفلاني ، فإذا مضى شطر من الليل فاخرج ولا تتواني في سيرك فإني أخشى عليك الطلب ، وقد أوصيت الحارس أن يتغيب وقت خروجك ، وهكذا عطف الله عليه قلب هذا الشاب فجعله سببا لخلاصه. ولم يتجاسر عباس على ذلك إلّا لأنه علم أنه لم يبقى لهما علاقة في بلاد العرب سار فيصل ، وأخوه جلوي ، وابنيه عبد الله ومحمد ، وابن عمه عبد الله بن إبراهيم فواصلوا سيرهم حثيثا ، وبعد يومين علم محمد علي بهربهم فأرسل وراءهم خيلا وجيشا وركب معهم عباس باشا نفسه فلم يقفوا لهما على أثر فرجعوا.
وصول الإمام فيصل إلى الجبل
وقد وصل الإمام فيصل ومن معه الجبل ، وقد أرسلوا إلى