لما أراد الله به من الخير ، فإنه عند ما بلغه قدوم الشيخ بادر إلى السلام عليه في دار ابن سويلم ، ورحب به أجمل ترحيب ، فعرض عليه الشيخ محمد ما يريد من نشر الدعوة وطلب منه الحماية فأجابه ابن سعود وعاهده على أن يقوم بها وأن يمنعه مما يمنع منه نفسه وأولاده إلّا أنه شرط عليه أن لا يمنعه من أخذ العوائد التي له عن البلاد. فقال الشيخ : سيعوضك الله خيرا منها. استقر الشيخ في الدرعية سنة ١١٥٧ ه وبلغ أتباعه في حريملا والعيينة فقام محمد بن سعود بأمره ، فهاجروا إلى الدرعية وهم نحو سبعين رجلا ، فيهم بعض الرؤساء من المعامرة أبناء عم عثمان المناوئين له ، فأدرك عثمان خطأه في إخراج الشيخ ، وعلم أنه فتح على نفسه بابا من الشر ، فأراد أن يستدرك ذلك ، فركب وقدم على الشيخ في الدرعية ومعه عدة رجال من بلده ، وحاول أن يسترضي الشيخ ليرجع معه على أن يقوم بنصره وتأييده ، فأحاله على محمد بن سعود ، ورفض هذا طلبه فأخذ يدير الرأي في الوسيلة التي يتلافى به هذا الأمر فلم يرى أسلم من المتابعة فبايع الشيخ وتابعه إما عن عقيدة وإما عن مكيدة ليرفع عن نفسه شر ما نشر وقبل أن نفيض في سرد الحوادث لا بد من الإشارة إلى الحالة السياسية التي تقدمت النهضة الإصلاحية.
الحالة السياسية
كانت الحالة السياسية العامة في نجد مضطربة في جميع نواحيها حيث كانت نجد مفككة الأوصال لا رابطة تجمعهم ، مختلفوا الكلمة ، متباينوا النزعات. والحروب مستعرة بينهم ، ناشئة عن الأحقاد والضغائن التي أوجدها الجهل وغذاها التعصب وفي الوقت الذي نحن بصدد الكلام