وقد قلنا : إن الشيخ رحمهالله كفهم عن التطاحن والتقاتل ، وليس يعني أن القتال انتهى ، فقد حدثت حوادث جسيمة أعظم مما كانت قبل ولكنها أمور لا بد منها ، وحالة طبيعية تصاحب كل انقلاب إصلاحي لأن المعاداة المتأصلة في النفوس لا يسهل اقتلاع جذورها ، خصوصا الأمور الدينية ، فلا بد لاقتلاع هذه الجذور الخبيثة من قوة تؤيد المصلح على المضي في السبيل الإصلاحي ، قامت هذه الحروب واستمرت مدة طويلة حتى استقر الحق في نصابه وإليكم كيفية نشأتي الشيخ والسبيل الذي سلكه لنشر هذه الدعوة قبل اتصاله بالإمام محمد بن سعود.
نشأة الشيخ محمد ودعوته
كان الشيخ محمد في بلده حريملا عند أبيه يقرأ عليه بعد رجوعه من الحجاز ، والعراق وكان أخذ ينكر ما يفعله الجهال من البدع. وكثر منه الإنكار ، وكان أبوه ينهاه عن الشدة ويأمره بأخذ الناس بالتي هي أحسن ، ولكن الشيخ لا يعرف الهوادة في الدين فوقع بينه وبين أبيه كلام ، وأوقع بينه وبين الناس كذلك فأقام على ذلك عدة سنين ، فلما توفي أبوه سنة ١١٥٣ ه رأى وجوب القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فمال إليه أناس من أهل البلد واتبعوه ، وخالفه آخرون ، وقد كانت إمارة حريملا لآل حمد وأبناء عمهم آل راشد ، ولكل منهما أتباع وخدم ، وكان في خدم أحد الفريقين أشرار يعيثون في البلد فسادا ، فأراد الشيخ أن يمنع شرهم عن الناس ، فأحسن العبيد بذلك وعزموا على أن يفتكوا بهذا الشيخ الجديد الذي ينعي عليهم ما هم فيه ، ويريد أن يصدهم عما اعتادوا عليه ، فأحس الشيخ بأمرهم ، فانتقل إلى العينية ، وكانت يومئذ من أقوى إمارات نجد