النهضة الدينية والسياسية
أو الانقلاب العظيم والتطور الخطير
انتهى الدور القديم بما فيه من خير وشر وما فيه من غموض وإبهام ، ووقفنا فيه على حد هذه النهضة التي تبدلت فيها حالة نجد من الفوضى إلى النظام ، ومن التفرق إلى الاجتماع ، ومن الخوف إلى الأمن ، ومن كل حال سيئة إلى حالة حسنة ، وذلك ببركة دعوة منقذ نجد من الجهالة الشيخ الجليل والمصلح الكبير الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمة الله عليه ، فلو لم يكن له من الفضائل إلّا اجتماع الكلمة وتوحيد السياسة لكفى بها فضيلة ، كيف وقد جمع الله به شتات هذه الأمة تحت راية واحدة وأنقذهم من شر الفوضى والتطاعن والتقاتل وكف أيديهم عن الاعتداء على بعضهم بعضا ، وزالت الشحناء والبغضاء المتأصلة في نفوسهم ، نعم إن القتال لم ينتهي وحدث حوادث جسيمة أعظم مما كانت ، ولكنها أمور لا بدّ منها ، وحالة طبيعية تصاحب كل انقلاب إصلاحي ، لأن العادات المتأصلة في النفوس لا يسهل اقتلاع جذرها إلا بعد مدة طويلة ، وهكذا كانت الحالة في هذا الانقلاب ، فإن الحروب استمرت نحو ثلاثين سنة بشكل أعظم وحالة أعم مما سبقها قبل أن تستقر ، وبما أن هذا هو الحد الفاصل بين النهضة الإصلاحية وبين حالة الفوضى التي شرحنا فيما تقدم من الكتاب ، وبما أن محور السياسة والتاريخ سيدور على بعض الأمراء أهل الشخصيات البارزة ، الذي سيكون لهم أثر كبير في مجرى التاريخ ، أحببنا أن نوضح أسماء هؤلاء الأمراء وشيء من حالتهم ، وما هم عليه قبل هذه النهضة وفي أثنائها الأمراء البارزون الموجودون في هذا الزمان :
١ ـ محمد بن مسعود أمير الدرعية ، تولى الإمارة سنة ١١٣٩ ه.