وكان ذا رأي باهر وعقل وافر ، ومع ذلك إذا أهمه أمر وأراد إنفاذ رأي أرسل إلى خواصه من رؤساء البوادي واستشارهم ، فإذا أخذ رأيهم وخرجوا من عنده أرسل إلى خواصه وأهل الرأي من أهل الدرعية ثم أخذ رأيهم ، فإذا خرجوا أرسل إلى أبناء الشيخ وأهل العلم من أهل الدرعية واستشارهم ، وكان رأيه يميل إلى رأيهم ويظهر لهم ما عنده من الرأي.
وكان ثبتا شجاعا في الحروب محببا إليه الجهاد في صغره وكبره.
بحيث أنه لم يتخلف في جميع المغازي والحج ويغزو معه جملة من العلماء من أهل الدرعية وأهل النواحي ، ويستخلف في الدرعية أحد بنيه ، وكثيرا ما كان يستخلف ابنه عبد الله. ويغزوا معه إخوته وبنوه وبنوا عمه عبد الله ، كل واحد من هؤلاء بدولة عظيمة من الخيل والركاب والخيام والرجال وما يتبع ذلك من رحايل الأزواد والأمتاع للضيف وغيره.
فقام في الجهاد وفتح أكثر البلاد في أيام أبيه وبعد موته. وأعطي السعادة في مغازيه ، ولا أعلم إن هزم له راية بل نصر بالرعب الذي ليس له نهاية. وكل أيامه مواسم ومغازيه غنايم. وقذف الله الرعب في قلوب أعدائه فإذا سمعوا بمغزاه ومعداه هرب كل منهم وترك أخاه وأباه وماله وما حواه.
فأما سيرته في مغازيه فكان إذا أراد أن يغزو إلى جهة الشمال أظهر أنه يريد الجنوب أو الشرق أو الغرب ، وإذا كان يريد جهة من تلك الجهات ، ورّى بغيرها وأرسل إلى جميع البوادي ... (١) رجال ... (٢) من
__________________
(١) بياض في الأصل.
(٢) بياض في الأصل.