أن يذهبا إلى والدهما ، ويستشيراه فلم يقبل ما أشار به أخوه قائلا لا أحول حتى أملك البصرة بالسيف وأجعل عاليها سافلها ، وأقتل عالمها وجاهلها ، وأستبيح الفروج وأهدم القصور وأريق الدماء في طرقها.
فلما سمع أخوه مقاله قام من عنده موقنا أن الله لا ينصره ما دامت هذه نيّته ، وسافر إلى والده ، وعند قدومه على والده ورد محمد بيك الكتخدا ليضرم النار أكثر من الأول ، وما درى أنه أثأم من طويس ، ما ترك بقبيلة إلّا حل بهم الدمار.
وأما ماجد بن حمود فإنه جمع جموعه وأكثرهم روافض كعب وصنع سلالم ليصعد بها سور البصرة ، وهجم على البصرة ونادى مناديه أن الأمير ماجد أباح البصرة ستة أيام ، فلا تدعون فيها فرجا ولا مالا إلّا سلب ، فخرج عليهم عسكر عقيل النجديون ، وسكان الزبير ونشب بينهم القتال ، وصبّوا عليهم من الرصاص الذي يزيد على المطر ، فما اشتد الوطيس إلّا والهزيمة على رأس ماجد وقتلت عساكره أشر قتله ، وركب الباقي متن الفرار ، وانقطعت العسكر مع المتسلم ، ونهبوا خيام ماجد وأموالهم وسلاحهم ورجع النجديون إلى البصرة منصورين غانمين.
ولما ورد ماجد على أبيه وجده قد فارق عزّه وسؤدده ، وذلك أن عقيلا نزل البغيلة ، وورد عليه أعمامه الكرام ، وفرسان بني عمه فأكرمهم وهاداهم ، فلما رأى حمود أن إخوانه فارقوه علم يقينا أن سعده قد أدبر ، وأن سعد الوزير في شبابه مقبل ، فركب خيله ، ولزم الفرار إلى البادية لدهائه وعقله ، فورد عقيل على الوطن بعسكر الوزير ، واستقر على كرسي حكومته مكرما لبني عمه وعمومته ، فلما استقر عقيل وأطاعه الحاضر [٦١] ، والبادي رجع المناخور بعسكره إلى بغداد.