كبيرة ، ولها طرق متعددة ، والبحر الحلو متخللها ، فلا يمكن ضبطها من كل الوجوه فأهلها لا يزالون شبعانين زيانين ، فلهذا أيس العجم من محاصرتها ، وطلب الصلح ، فلما انتهت مدّة الحصار رجع سكان القرى إلى أوطانهن ، ورفع الباشا عنهم الخراج في هذه السنة لما أصابهم من الضرر.
ومن جملة من طغى وبغى في أيام الحصار بعض الأعراب ، فصار ينهب ويخرب بعض الأماكن ، فنهب من رعايا الدجيل [...](١) على ذلك أرسل الوزير المترجم سرية لتأديبه ولرد المنهوبات ، فردّ المنهوبات ، ورجع عن طغيانه. ومن حين سفر عرضي العجم من بغداد أخذ داود باشا يلملم أحواله ، ويعبىء جيشا جرارا لأخذ الثأر من العجم ، لكنه صار ينتظر أمر الدولة العلية ليجاوبه عما سألهم فيه من المدد بالعساكر ، فما شعر إلّا والأوامر السلطانية عليه ، وعلى والي ديار بكر رؤوف باشا ، وفوّضت رياسة العساكر جميعا لداود باشا ، وأن يتوجه هو والعساكر جميعا لمحاربة الشاه عباس بن شاه العجم ، وصحبهم أيضا عسكر من الأناضولي ، ووالي الموصل أيضا بعسكره.
فلما تجمعت العساكر ورد أمر آخر سلطاني ومعه كرك سمور هدية من السلطان إلى داود باشا ، ويحثّه فيه على أنه لا بد من إهلاك الخائن محمد الكتخدا ، وأن يصرف في طلبه جهده ، حتى يكون عبرة لغيره من المارقين الباغين ، وهذا الغرمان مع الكرك ، ورد مع أحد خدّام السلطان المسمّى خاصكي إبراهيم أفندي.
__________________
(١) كلمة غير مفهومة.