وفي سنة ١٢٣٨ ه (ثمان وثلاثين ومائتين وألف) [٥٣] : غزا صفوف بن فارس الجربا الشمري الأمير عباس بن شاه العجم ، وعبر نهر ديالة بفوارس شمر إلى أن صار بمرأى من عساكر الشاه ، فركب عليه فرسان العجم ، وكرّوا عليه فاستطردهم حتى عبروا نهر ديالة وبعدوا عنه ، فعطف عليه شمر وصفوف الجربا ، وشدّوا عليهم شدّة الأمور على القراش ، فأدبرت فرسان العجم ، وقفاهم فوارس شمر ، وقتلوا منهم من أدركوه ، وأتوا بخيلهم وسلبهم.
وأخبرني غير واحد أن هذه الواقعة غير الأولى التي ذكرها المؤرخ التركي ، ولأجل هذه الخدمة التي خدمها صفوف الجربا ، والنصرة التي نصر بها سيد الوزراء ، أنعم عليه داود باشا ببلدة عانة ، وما تابعها من القرى ، وهو إعطاء لم يسمع بمثله إنما هذا الوزير أراد أن يشتري الأحرار بدل العبيد.
وفي هذه السنة (١٢٣٨ ه) : وقعت واقعة بين سكان بلدة الزبير ، وكانوا قبلها يدا واحدة على من قصدهم بشر ، حتى فشا بينهم ضربان الخلاف ، ففرّق ائتلافهم وأوقع بينهم الحسد والبغضاء ، وذلك أن محمد بن ثاقب بن وطبان يحسد يوسف بن زهير على ماله ، وعلى ما أنعم الله به عليه ، ولاستعباده أشراف الناس بسماحه وغواله ، فادّعى ابن ثاقب على ابن زهير دعوى يكذبها من له أدنى عقل ، وتلك الدعوى أن يوسف بن زهير أمر بسمّ راشد بن ثامر ، وصدّقه في دعواه بعض المغفلين ، وأفشاها من يحب أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا ، وكل هذا إرضاء لآل المنتفق.