يلقي نفسه في الماء البارد من شدّة الحرارة ، وليس له دواء ينفع ، وأول ما وقع في البصرة هبت الشمال نهارا ، ومات فيه من أهل البصرة أكثر من عشرة آلاف وصار هذا الوباء عاما في أقطار جميع العراق.
وفي سنة ١٢٣٧ ه (سبع وثلاثين ومائتين وألف): وهي السنة المتممة للخمسين مدة مولد المترجم ركب محمد بيك الكتخدا متون الخيانة ، ولحق بدار الرفض سوّلته له نفسه أن يكون والي بغداد ، حتى أغوى والي كرمان على موافقته [٥١] فأخذ في شنّ الغارات على أطراف بغداد ، وسار إلى كركوك وقاتلهم وقاتلوه ، وصبروا صبر الكرام ، ثم تركهم وزحف إلى أطراف بغداد ومعه جملة كبيرة من عساكر العجم والأكراد إلى أن نزل قريبا من بغداد بثمان ساعات في ملّي عباس ، وقد كان الوزير أخبر الدولة بهذه الهزيمة التي صارت على العساكر ، وبخيانة الكتخدا محمد بيك وبلحوقه بديار العجم ، وأخبرهم أن والي كرمان مجمع الجموع ، ولا يرجع عما في ضميره إلّا بمحاربة بغداد.
ولما قرب عسكر العجم بغداد ولم يخرج إليهم الوزير ، ولم يرسل إليهم عساكره بل ظل محافظا لأسوار البلدة بغداد ، وفي أثناء المحاصرة غزا محمد الكتخدا بجملة ممن معه من عساكر الأكراد قرية الخالص ، ونهب منها أربعين ألف رأس غنم ، وخرب بساتين الخالص ، ثم رجع بكرّه والتحق بجيش العجم وكان أرسل والي كرمان سرية نحو ألف فارس لجلب الميرة ، فلقيهم صفوف الجرباء وبدد شملهم وغنم أسلحتهم وخيلهم.
ولما سلم رئيس عرضي العجم من المحاصرة ، ولم يستفد شيئا منها