الخراج ، فلما
قصدهم الكتخدا ، فأما قبيلة زوبع فركبت متن الفرار إلى البوادي والقفار ، وأما
جميلة وآل عيسى فاستقروا في الديار ، والتزموا بأداء مبلغ نقدا جزاء لأفعالهم ،
وأما أهل قرية شفائي فأدّت الخراج صاغرة ذليلة ، وطلب الجميع الأمان والعفو ،
فمنحه إياهم ، ثم رجع الكتخدا إلى بغداد مظفرا منصورا.
وفي تلك السنة سكن
محمد باشا ابن خالد باشا كركوك ، فأساء خدّامه على قطّانها ، فتشكوا أهل كركوك إلى
الوزير المترجم ، فأرسل الوزير إلى محمد باشا ابن خالد باشا ليزجر خدّامه عن
المفاسد والتعدي على الرعايا ، فما امتثل أمر الوزير ، ولا ارتدع ، فأرسل إلى
متسلم كركوك موسى آغا أن يقيّد محمد بيك ابن
خالد باشا
بالحديدة ، ويرسله إلى بغداد ، وحبسه في السراية دار الإمارة.
فلما علم خدّامه
أحاط ثلاثمائة منهم بدار الإمارة ، وفكّوا سيدهم من الحديد قسرا ، فمذ بلغ محمد
باشا ما كان على والده وابن عمه ندم على ما فعله ، فلم يذهب لذلك إلى العجم ، وأرسل
الباشا يعتذر فيما صدر منه ، ويسترحم الوزير في فك أبيه وابن عمه ، فشرط عليه
الوزير [٤٨] أن لا ينزل كركوك ، وأن يمنع خدّامه من التعدي على الفقير والغني ،
وأنعم على أبيه وابن عمه بما يقوم بكفايتهما.
وفي هذه السنة ختن
يوسف بيك ابن الوزير المترجم والي بغداد داود باشا ، وختن معه ألف يتيم ، ونثر
الدرر والجواهر للناثر والشاعر وهنّأ أبوه المترجم بقصائد غرر ، وعدّ يوم ختانه
عيدا على جميع الأهالي خصوصا الفقراء والغرباء.