وفي سنة ١٢٣٦ ه (ست وثلاثين ومائتين وألف): وهي الرابعة من حكومة المترجم : أرسل السلطان محمود إلى الوزير المترجم هدية إلى بغداد في غرّة صفر ، فأمر الوزير أن يستقبلها الكتخدا ورؤساء العساكر ، وأنزلت في القلعة ، وأكرمت من صاحبها.
وأما محمد بيك بن خالد باشا الكردي بعد ما عفى الوزير عنه أخذ يعربد في الفساد ، ورحل إلى كرمان عند واليها محمد علي خان القجري ، فحبس والي بغداد أباه خالدا باشا ليمنع ابنه من الفرار إلى بلاد الرفض ، وعند ما تحقق يحيى أفندي الخازندار أن محمد بن خالد باشا فرّ إلى العجم أخذ يلحم ويسدي في الفساد ، وإضرام نار الفتنة لما بينه وبين مقاصده فحالا حبسه ثم قتله ، ولإبراز الأبّهة ، وإظهار القوة العسكرية ، خرج الوزير من بغداد في جيش جرار ، ووصل إلى فريحات ليعلم الأضداد أن الليث ليس بنائم ولا غافل ، وأقام للصيد أياما ، وأرسل أخاه الأمير أحمد بيك ليرهب به الأعداء ، فلما علم صاحب كرمان بخروج الباشا رجع إلى كرمانه بجيشه وخسرانه ، ورجع الوزير داود باشا إلى بغداد.
وأما سليمان بيك ابن إبراهيم باشا فانهزم إلى العجم لما كان يخفيه من سوء السريرة ، وأما خالد باشا الكردي المأسور فإنه لما تحقق الباشا أنه ليس له دخل في فتنة ابنه فكّه من القيد ، وأطلق سبيله ، وقال : ولا تزر وازرة وزرة أخرى.
وممن انهزم إذ ذاك إلى العجم عبد الله باشا الكردي في مائتي فارسا من كرده ، ولما اجتمع هؤلاء الأمراء الأكراد عند والي كرمان أخذوا يثيرون الفتن ، ويعيثون في الأرض بالفساد ، ويعاونهم في الباطن والي