وتصدير حمد أبي عقلين ، وإعراضه عن تدبير مملكته بنفسه ، وتسليمه زمام الملك إلى من لا يقدّر للملك قدرة ، ولو فوّض أمره للوزير المترجم داود باشا لرأى من العدل ما ينسي أخبار أنو شروان.
تولى سعيد باشا وزارة بغداد في السنة الحادية والأربعين من مولدي المترجم ، وهي سنة ١٢٢٨ ه ثمان وعشرين ومائتين وألف ، وفيها غزا والي بغداد قبيلة خزاعة لطغيانهم وقطعهم الطريق ، فلم يجده غزوه شيئا.
ثم في سنة ١٢٢٩ ه : جهّز عسكرا جرارا وأمّر عليهم الأسد الغضنفر داود باشا ، فسافر لغزو زبيد وشمر وخزاعة وآل الضفير ، فإنهم عاثوا في الأرض بالفساد ، وأخربوا جميع قرى بغداد ، من أن حاصل كربلاء ، وكان فيها إذ ذاك من زوّار العجم أربعون ألفا ، وفيها زوجة شاه العجم جاءت للزيارة ، فخرج الوزير المترجم مسرعا لإنقاذ الزوار من أيدي الأعراب المفسدين ، وانشبك الحرب بينهم ، فكانت الهزيمة على الأشقياء ، فأرسل بعض عساكره إلى كربلاء ، ليأتوا بالزوار إلى [٤٠] بغداد بعد ما أزاروهم النجف ، ثم توجّه داود باشا بالعسكر لغزو خزاعة ، وفي أثناء الطريق ، عزل شيخ زبيد ، وأقام مقامه الشفلح بن شلال ، وألزمه بمحافظة الطريق ، ثم تلطّف لمشايخ آل وادي ، وبعد مجيئهم إلى العسكر عاقبهم وشنّ الغارة على أهاليهم ، فانهزموا وتشتتوا شذر مذر ، فغنم الباشا مواشيهم ، وسار إلى الديوانية من أرض بني خزاعة ، فلما رأى خزاعة العبرة في غيرهم ، انقادوا للطاعة ، وأتوه طائعين خاضعين طالبين العفو والأمان ، وأعطوا الخراج القديم والجديد ، وقدّموا الهدايا اللازمة ، وانتهت سنة ١٢٣٠ ه ثلاثين ومائتين وألف.