باشا ، وثالث معهما أن يقيّدوا في الحديد ، ويذهب بهم إلى سوق الشيوخ ، وهي قرية المنتفق المخصوصة بهم ، فلما مات برغش بن حمود من تلك الطعنة خنقهم راشد بن ثامر ، وبعد ما قبروا نبشوا من القبور ، وقطعوا رؤوسهم ، وهذا جزاء الغدّار ، فإن عبد الله باشا الكتخدا ، وطاهر باشا الخازندار ، فعاقبهم الله بمثل هذا العقاب الشنيع ، وبعد هذه الواقعة ، ارتفع أمر حمود بن ثامر وصار له شأن غير الشأن الأول ، وصار أمر سعيد باشا بيده ، فلذلك أعطاه سعيد باشا ما في جنوب [٣٩] البصرة من قرى ، وضحك له الزمان وأطاعه بما شاء ، ثم توجّه حمود مع سعيد باشا إلى بغداد ، ودخلاها بالموكب والأبّهة والجاه ، وكاتب سعيد باشا الدولة فجاءه الفرمان بأنه والي بغداد والبصرة وشهرزور ، فرجع حمود إلى المنتفق ، لكن سعيد باشا لا يبرم صغيرة ولا كبيرة إلّا بمشورته ، ولو تباعدا بالأجسام من شدّة محبة له.
فلما وصل حمود إلى مقرّه طغى وبغى وتغيّر حاله الأول ، وكثر الفساد من أتباعه وعشيرته ، وكلما اشتكى أحد منهم لا يسمع فيه شكوى وصار كل من قصده مطرودا أو مظلوما لا يقريه إلّا الطعام فقط ، وتكبّر وعتى.
وفي تلك الأيام صار أهل البصرة لا ينامون من تسلط سرّاق بني المنتفق ، حتى إن السارق ليتسوّر البيت العالي في النهار فضلا عن الليل ، فإن وجد شيئا أخذه وباعه في البصرة ، وصاحبه يراه ، ولا يقدر يتكلم.
وأما سعيد باشا فإنه نعم الرجل ، لو لا أن فوّض أموره لهذا البدوي الغشوم الظلوم ، وعما نقم الناس عليه ، أعطى حمّودا ما تحت يديه