والوزير في غفلاته ، وأنه ليس مفصلا عجم محمد استخلاص البصرة في أيدي الروافض تجهّز بنفسه حسن باشا وجاهد في العجم بمفرده ومعه عساكره ، وطلب المدد من عبد الله باشا ، فلم يمده لما ألقاه عجم محمد من الدسيسة بينهما ومن العداوة التي هي من محض افترآت عجم محمد.
فلما لم ير من الوزير الإمداد رجع عن القتال لكونه مأمورا من الدولة العليّة باتباع إيراد الوزير عبد الله باشا ولما أبطأ خبر فتح البصرة عن السلطان ظنّ أن عبد الله باشا إما جبن وإما خان ولام على من مدحه حتى ولّاه وزارة بغداد ، وهو سليم باشا ، ودام معاقبته ، فتخلص سليم باشا وقال للسلطان : إن أرسلتني إلى العراق فما أرجع إلّا بمفاتيح البصرة ، إلّا أن يحول الموت بيني وبينها ، فتوجّه ووصل إلى بغداد ، وفرح الناس به فرحا جمّا ، وظنّوا فيه الخير فما شعروا إلّا وعجم محمد التفّ به التفاف السير بالنعل ، وتبيّن أنه أفسق من عجم محمد ، وانعكف الجميع على الرقص والخمر [٥] والفسوق والفجور ، واللواط ، وترك الجهاد ، فحينئذ جزم أهل العراق بأن البصرة لا تفتح إلى يوم القيامة ، ما دام رجال الدولة بهذه الأخلاق ، فلما رأى عجم محمد غباوة عبد الله باشا ، وبلادة سليم باشا ، طمحت نفسه لوزارة بغداد ، بمساعدة شاه عجم باطنا ، فأرسل كريم خان وباطنه على هذا الأمر فزحفت حينئذ عساكر العجم طالبة بغداد ، وكل هذا ولم يفهم المغفل سليم باشا ، ولا الأبله عبد الله باشا ، مقاصد هذا الغدار الخائن عجم محمد ، ولا زالا يفهمان منه الصداقة التامة لهما ، لكن بعد ما بلغ السبل الذي تنبّه سليم باشا لمقاصد هذا الخبيث عجم محمد ، وفكّر في الخلاص ولات حين مناص ، فأرسل بعض العساكر إلى الحدود لصدّ جيش العجم وأختار من طرفه محمد بن عبد الله بن شاوي الحميري ليكون سفيرا بينه وبين كريم خان ، فسافر محمد بن شاوي ليعقد الصلح في شيراز بين الباشا وبين العجم.