عبد الله بن رشيد في الجبل بمكاتبة من أخيه الإمام عبد الله بن فيصل فأكرمه ابن رشيد إكراما زائدا. وفي هذه السنة كثرت الأمطار والسيول وكثر الخصب والكمأ ورخصت الأسعار وارتفعت الآبار.
ثم دخلت السنة الثانية بعد الثلاثمائة والألف : وفيها في أول المحرم قدم محمد بن فيصل إلى الرياض راجعا من الجبل ومعه هدية جليلة لأخيه الإمام عبد الله بن فيصل من ابن رشيد ، وترك له بلدان الوشم وسدير ، وكان قد مد يده عليها كما تقدم في السنة التي قبلها ، فعزل الإمام من أراد عزله من أمراء البلدان المذكورة ، وأبقى من أراد بقاءه منهم ، فكثر على الإمارة الاختلاف ، وعظم الشقاق ، وتغلب بعض أهل البلدان على بلدانهم ، وضعف أمر آل سعود بسبب تفرقهم واختلاف كلمتهم وكثرة تنازعهم. فحصل بسبب ذلك خطوب جسيمة ، ومحن عظيمة. فكتب شيخنا الشيخ أحمد بن إبراهيم بن عيسى رسالة أرسلها إليهم يحضهم فيها على الاجتماع ، وينهاهم عن التفرق ، ويذكر لهم ما حصل بسبب تفرقهم من الذل والهوان ، ومن خروج بلدانهم من أيديهم ، ومن طمع أعدائهم فيها. وأرسل معها إليهم هذه القصيدة ، وهي من البحر الطويل :
متى ينجلي هذا الدجى والدياجر |
|
متى ينتهض للحق منكم عساكر |
متى تنتهوا عن غمرة النوم والردى |
|
وينهض لنصر الدين منكم أكابر |
متى تتجدد دعوة حنيفية |
|
يكون لها بالصدع ناه وآمر |
متى ترعوي منكم قلوب عن الردى |
|
متى ينقضي هذا القلا والتهاجر |
فحتى متى هذا التواني عن العلا |
|
كأنكموا ممن حوته المقابر |
وأموالكم منهوبة وبلادكم |
|
تبوأها بالرغم منكم أصاغر |
وأشياعكم في كل قطر وبلدة |
|
أذلا حيارى والدموع مواطر |