بالبيت ، فرفع حصيرا فيه ، فرأى سردابا محقورا انتهى إلى صوب الحجرة ، فارتاع الناس لذلك ، وقال : أصدقاني وضربهما شديدا فاعترفا بأنهما نصرانيان بعثهما النصارى ، وأمالوهما بأموال عظيمة ، وأمروهما بالتحيل في الوصول إلى الجناب الشريف ، ويفعلان به ما زين لهم إبليس في النقل ، وما يترتب عليه فصارا يحفران ليلا ، ولكل منهما محفظة جلد ، فما اجتمع من التراب جعلاه فيها ، وخرجا لزيارة البقيع فألقياه فيه.
فلما قربا من الحجرة أرعدت السماء ، وأبرقت ، وحصل رجيف عظيم ، بحيث خيّل انقطاع تلك الجبال ، فقدم السلطان صبيحة تلك الليلة ، فلما ظهر حالهما على يديه فرأى تأهيل الله ذلك له دون غيره ، بكى بكاء شديدا ، وأمر بضرب رقابهما.
ثم أمر بإحضار رصاص عظيم ، وحفر خندقا إلى الماء حول الحجرة وأذيب وملأ الخندق فصار سورا ثم عاد إلى ملكه ، وأمر أن لا يستعمل كافر وأمر بقطع المكوس. انتهى ملخصا من «سيرة الخميس» وهذه الواقعة في خلافة المستنجد.
وذكر هذه الحادثة العلامة زين الدين أبو بكر بن الحسين العثماني المراغي في كتاب : «تحقيق النصرة بتلخيص معالم دار الهجرة» عن المطري قال : أخبرني بذلك يعقوب بن أبي بكر المحترف عن جماعة من أكابر الحرم ، وذكر رؤياه على نحو ما تقدم وأنه استحضر وزيره الموفق خالد بن محمد بن نصر القيرواني الشاعر ـ وكان موفقا ـ قبل الصبح ، وذكر له ذلك فقال : هذا أمر حدث بمدينة النبي صلىاللهعليهوسلم وليس له غيرك ، فتجهز وخرج على عجل بمقدار ألف راحلة وما يتبعها من خيل وغيره ،