القضية وما قبلها من النكبات ولا يغتر ، وليعلم إنما أصاب من مصيبة فبكسب الأيدي كما ذكر الله تعالى فيوجب للمسلم التوبة إلى الله ، ولا يستغرب ما جرى في زمنه.
نرجع إلى ذكر بني العباس لما انحرفت خلافتهم من العراق قامت بمصر ، وذلك أن المستنصر بالله أخا المعتصم لما هرب وسلم من التتار قدم مصر سنة ٦٥٩ ه وبايعه السلطان بيبرس البندقداري مع أهل الحل والعقد ، ثم سافر إلى العراق مجاهدا فخرج معه السلطان إلى أن دخلوا دمشق ، ثم جهزه ومعه ملوك الشرق صاحب الموصل وصاحب سنجار والجزيرة وغيرهم ، وأغرم عليهم من الذهب ألف ألف دينار وستين ألف درهم ، وسار معه الحاكم في حلب ففتح الحديثة ، ثم هت فجاءه عسكر من التتار ، فتصافوا فقتل من المسلمين جماعة وقتل الخليفة ، ولم تزل بنو العباس يتداولون الخلافة بمصر مع سلاطينها ، ولكن ليس لهم معهم إلّا الاسم المجرد ، حتى كان آخرهم أبا عبد الله الملقب بالمتوكل ابن المستمسك يعقوب ، كان السلطان سليم بن يزيد العثماني لما افتتح مصر ، وأزال مظالم الجراكسة أخذه إلى اسطنبول عوضا عن والده يعقوب لكبر سنه ، وتوفي سنة ٩٥٠ ه.
وبموته انقطعت الخلافة الصورية بمصر ، وكان المتوكل هذا فاضلا وله شعر منه :
لم يبق من محسن يرجى ولا حسن |
|
ولا كريم إليه مشتكى الحزن |
وإنّما ساد قوم غير ذي حسب |
|
ما كنت أوثر أن يمتدّ بي زمني |
وكان تمام أربعة وخمسين خليفة من بني العباس ، فسبحان من لا يزول ملكه وسلطانه انتهى.