قال الذهبي : وفي سنة ٧١٩ ه اختلف التتار وكرهوا نائب آل سعيد جوبان ، والتقوا فقتل بينهم أكثر من عشرين ألفا ، وكان قد انحصر من نائبه جوبان لاستبداده بالأمور والحجر عليه ، فالتجأ إلى خاله أريحي وإلى قرمستي ودقماق وقالوا : نحن نقتل جوبان فعمل قرمستي دعوة ، ففهم جوبان وهرب إلى تبريز ، فتلقاه على شاه ، وذهب به إلى أبي سعيد فاعتذر أبو سعيد ، ولعن أولئك ، فقال الوزير : يا ملك الوقت جوبان والد مشفق وهؤلاء يحسدونه ، ولو قتلوه لتمكنوا منك ، فجمع القان أبو سعيد العساكر وأقبل من الروم ومرباش جوبان بجموعه مع القان فالتقى الجمعان ، فذل أريحى لما رأى القان عليهم ثم انكسر وقتلت أبطاله ، ثم أسر هو قرمستي ودقماق فسلمهم إلى جوبان فقتلهم.
وقيل : إن جوبان أباد سبعة وثلاثين أميرا ممن خرج عليه ، ثم خمدت الفتنة بعد استئصال كبار المغل واستمر أبو سعيد إلى أن مات سنة ٧٣٦ ه ولم تقم بعده قائمة للتتار ، بل تفرقوا شذر مذر ، فتقرر أن دولتهم في بلاد الإسلام مئة وثلاثون سنة.
فهذا ما لخصنا من أخبارهم مع الاختصار ، مما لا تكاد تطلع عليه إلّا من عدة أسفار ، وإنما ذكرنا ما جرى منهم ليعلم العاقل أن أهل الإسلام يبتلون وتمسهم البأساء والضراء ويزلزلون وليس ذلك دليلا على رضى من الله عن عدوهم أو بغض لهم ، بل قال تعالى : (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْساءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا) [البقرة : ٢١٤].
فإذا نكب أهل الإسلام نكبة ، أو أديل عليهم عدو ، فليعتبر بهذه