الله دمشق من النهب ، والسبي ، والقتل ولله الحمد ، لكن صودروا مصادرة عظيمة ونهب ما حول القلعة لأجل حصارها ، وثبت متوليها : علم الدين أرجواس ثباتا لا مزيد عليه ، ودام الحصار أياما عديدة ، وأدمن الناس على الخوف ، وشدة العذاب بالمصادرة من الغلاء والجوع ، لكنهم بالنسبة إلى ما تم بجبل الصالحية من السبي والقتل أحسن حالا. فقيل : إن الذي وصل إلى ديوان غازان من البلاد ثلاثة آلاف ألف وست مئة ألف مع ما أخذ في الترسيم والبرطيل ، وكان إذا ألزم التاجر بألف درهم ألزمه معها فوق المئتين ترسيما تأخذه التتار ، ثم أعان الله وترحل ثاني عشر جمادي الأولى غير مصحوب بالسلامة.
وكان قدومه ومحاربته في آخر ربيع الأول.
ودخلت جيوش المسلمين القاهرة في غاية الضعف ، ففتحت بيوت المال وأنفق فيهم نفقات لم يسمع بمثلها ، ومدة انقطاع خطبة الناصر من خوف التتار مئة يوم ، وفيها توفي من شيوخ الحديث بدمشق والجبل أكثر من مئة نفس ، ومات بردا وجوعا نحو أربع مئة نفس ، وأسر نحو أربعة آلاف ، منهم سبعون من ذرية الشيخ أبي عمر بن قدامة ، قال : في الخميس ، وفي سنة ٧١٢ ه مات غازان بن أرغو بن أبغا بن هلاكو مسموما بقرب همدان ، وتملك أخوه خرنبدة وسموه محمدا غياث الدين ، وكان قد أظهر الرفض وأمر قبل هلاكه ببذل السيف في أهل باب الأزج لإقناعهم عن الخطبة على شعار الرافضة ، مات بهيضة فأهلكه الله سنة ٧١٦ ه وملكوا بعده ولده أبا سعيد يوسف ، فأظهر السنة تسلطن وهو ابن إحدى عشرة سنة.