وكان ممن خرج إليه تقيّ الدين ابن تيمية في جماعة من صلحاء دمشق ، منهم القدوة محمد بن قوام ، فلما دخلوا عليه كان مما قال ابن تيمية للترجمان : قل للغازان : أنت تزعم أنك مسلم ، ومعك قاض وإمام وشيخ ومؤذن على ما بلغنا فغزوتنا ، وأبوك وجدك هلاكو كانا كافرين ، وما عملا كما عملت عامدا فوفيا ، وأنت عاهدت فغدرت وقلت فما وفيت ، وجرت له مع غازان وقطلوشاه وبولائي أمور ونوب قام فيها لله ولم يخش إلّا الله.
قال ابن فضل الله : أخبرنا قاضي القضاة ابن حصري أنهم لما حضروا مجلسه قدم لهم طعاما فأكلوا منه إلّا ابن تيمية فقيل له : لم لا تأكل؟ فقال : كيف آكل من طعامكم؟ وكله مما نهبتم من أغنام الناس ، وطبختموه بما قطعتم من أشجارهم ، ثم إن غازان طلب منه الدعاء ، فقال في دعائه : اللهم إن كنت تعلم أنه إنما قاتل لتكون كلمة الله هي العليا ، وجهاد في سبيلك فانصره وأيده ، وإن كان للملك والدنيا والتكاثر فافعل ، به ، واصنع ... يدعو عليه ، وغازان يؤمّن على دعائه ، ونحن نجمع ثيابنا خوفا أن يقتل فنرش بدمه فلما خرجنا قلنا له : كدت تهلكنا معك ، ونحن ما نصحبك من هنا ، فقال : وأنا لا أصحبكم ، فانطلقنا عصبة وتأخر في خاصة من معه ، فتسامعت به الخوانين والأمراء فأتوه من كل فج وصاروا يتلاحقون به ، ليتبركوا برؤيته فلم يصل إلّا في نحو ثلاث مئة فارس ، وأما نحن فخرج علينا جماعة فتشلحونا. انتهى.
ثم بعد ما وقع الأمان المذكور انتشرت جيوش التتار في الشام طولا وعرضا ، وذهب للناس من الأهل والمال والمواشي ما لا يحصى ، وحمى