أحمد رحمهماالله تعالى فأعطاه إياها ليلعب بها ، ثم خرج عنا ، فلما دخل
المسجد رجع بسرعة. فقال : ايتوني بتلك الحديدة. فأتيناه بها ، ثم بعد ذلك جاءنا
على عادته فسألته عن حكايتها؟
فقال : لما
رجعت إلى المسجد فقدت سكينة كانت معي في المحفظة قال : فتفقدت نفسي وتفكرت فيما
عملت حتى عوقبت في السكينة ، فلم أجد إلا تلك الحديدة فرددتها في موضعها فوجدت
السكين ، وكان في هذا المقام وأعلى من هذا المقام.
واتفق أن مرض
في بيتي مرضة شديدة ، آيس من نفسه فيها ، فدخلت عليه يوما وولدي أحمد عنده ، وكان
صغيرا وسمعه يقول : يا ولدي يا أحمد أقوم من هذا المرض وأتعافى ، ثم سمعته يقول :
فيها البركة يا ولدي.
فقلت له : ما
يقول لك وما معنى كلامك؟
فقال : قلت له
: كذا وكذا.
فقال : إشارة
بيده أربع فتوالتها أربع سنين ، فأنا أعيش أربع سنين ، فكان كذلك. مات في الأربعة
بمكة رحمهالله.
وكان ليلة
يصلّي واقفا في السطح ، وكان بإزائه نساء في عرس ، فضربوا الدفوف والمعازف والرباب
، وأنواع الطرب بحذائه ، حتى إنه لم يدر ما يصلّي ، فرأيته قد نزل إلى أسفل البيت
، فلم يكن إلا قليلا حتى طلع إلى مكانه ، وسكن ذلك اللعب واللهو.
فسألت عن سبب
سكوتهم؟
فقالوا : بينما
نحن في ذلك الحال ، إذ وقعت عروسنا من الدرجة فانعطبت في رجلها ، فعلمت أنّ ذلك
ببركة خاطره ، إذ كانوا على أنواع من المعاصي والملاهي ، نفعنا الله به وجمعنا
وإياه في مستقرّ رحمته ، فقد انتفعنا بصلاحه وبخاطره وبخدمته ، وبولده أبي عبد
الله محمد من بعده حفظه الله تعالى ، وردّه إلى ما كان عليه والده من الانقطاع عن
الناس ، والعزلة عن الخلق فهو ـ وإن كان على خير ـ ، فحال الشيخ أكمل وأقرب إلى
السّلامة في الدنيا والآخرة ، وقد تقدّم ذكر وفاته. جمعنا الله وإياه في مستقرّ
رحمته.