فصل
ثم إني أدركت من الخدام الصّلحاء الخدام المتخلّلين أيام هؤلاء الشيوخ أقواما لهم جلالة ، وعليهم من الله مهابة ، منهم طواشي شبل الدولة كافور بن عبد الله الخضري (١) ، كان فيه ـ رحمهالله ـ من الدين والخير والبر ، ما لا عليه من مزيد.
وأخبرني من أثق به أنه كان يضع معلومه في غلف أباليج السكر ويضعها في بيته من غير غلق زهدا في الدنيا ، وقلة حرص عليها ، وفي كل يوم يملأ منها كيسه ، ويجعلها في جيبه يعدّ ذلك لمن يقف عليه من السؤال أو من الحرم والأيتام ، وكذلك رأيته لا تزال يده تنفق سرا وعلانية.
كان شيخا في الرواية ، سمع على جماعة لهم ذكر في طبقات المحدثين ، ربّى أيتاما كثيرين ، وأعتق جماعة مباركين ، كان منهم خيار الفراشين الشيخ عبد الله الخضري ، ولد لعبد الله أولاد قراء ومتصوفة ، ولهم اليوم عقب ، رحمهمالله ، وكان الخضري والعادلي متجاورين في المسكن متعاونين على البر والخير ، تغمدهم الله برحمته أجمعين.
ومنهم شهاب الدين رشيد بن عبد الله السعدي (٢) رحمهالله ، كان متفقها متدينا متعبدا ، يصحب العلماء ويشتغل عليهم ، ويشتري كتب العلم ويوقفها عليهم ، له خزانة جيدة كان فيها كتب غريبة أعرفها في دار الزيات ، وله رباط ودور وقفها بعد أن تعب في عمارتها وانشائها ، وله من اسمه نصيب وافر رحمهالله.
__________________
(١) ذكره في : «التحفة اللطيفة» ٢ / ٣٨٩ (٣٥٠٤) ، نقلا عن ابن فرحون والمجد اللغوي ؛ وقد ذكره الذهبي في «معجم الشيوخ» ٢ / ١٢٠ فيمن أجازه بالمدينة.
(٢) ذكره في : «التحفة اللطيفة» ١ / ٣٤٧ (١٢٦٣) ، نقلا عن ابن فرحون.