وكان له اختلاط بالجماعة الذي تقدم ذكرهم ؛ كالشيخ أبي محمد البسكري وأصحابه ، والشيخ أبي الحسن ، والشيخ عبد الواحد الجزولي ، والشيخ أبي العلاء الأندلسي ، والشيخ أبي إسحاق. وجماعة من الصلحاء الخدام ، وخلائق لا يحصون كثرة. فعرضوا عليه الزواج فامتنع من ذلك ، فكثروا عليه ورغبوه في والدتي ، وكانت الكبيرة من أربع بنات شرائف ، كان والدهن يقال له : الشريف عبد الواحد الحسيني ، ثابت النسبة ، وكان يتناول من وقف بلقس بعد أن أثبت نفسه في القاهرة.
ولما حج نقيب الأشراف شرف الدين أوقفه على تلك النسبة ، فلما رأى عليها خطوط القضاة المصريين ، أثبت اسم بنته مباركة في الشرفاء الذين يصرف إليهم وقف بلقس ، واستمرت تقبضه إلى أن توفيت إلى رحمة الله تعالى.
وكان زواجه لوالدتي من برّه بنا ، إذ ألحقنا بنسب النبي صلىاللهعليهوسلم فجعلنا من ذريته إجماعا ، وشرفاء عند أكثر العلماء. وبذلك أفتى ناصر الدين المسدالي وغيره ممن هو مثله في العلم. وكمل برّه بأن علّمنا فأحسن تعليمنا كما ترى ، وأدبنا فأحسن تأديبنا ، درى بذلك من درى ، وكان من أسباب تزوجه وتأهله في المدينة بعد تبتله وكراهته لذلك.
اتفق في بعض الأيام أن الجماعة سألوا والدي أن يقرأ عليهم شيئا من كتب الرقائق فأجابهم إلى ذلك.
قال لي رحمهالله : وكان من جملة ما قرأته أن رجلا كان يسأله جاره أن يزوجه إحدى بناته فيقول له : لا حاجة لي بالزواج فرأى ليلة في منامه أن القيامة قد قامت ، وأنّ الناس في شدة حر عظيم ، وعطش شديد. وكان بينهم ولدان معهم إداوات يتخللون الناس.
قال الرائي : فقلت لولد منهم : يا ولدي أنا عطشان فاسقني. فقال له : اذهب فما لك فينا ولد. قال : فاستيقظ الرجل وبه رجفة عظيمة ، فدقّ الباب على جاره وقال : زوجني إحدى بناتك الآن ، فلي قصة عجيبة. فزوّجه ولم يأت عليه الصباح إلا وهو مع زوجته.
فلما قرأ والدي هذه الحكاية ، رغّب الجماعة والدي في الزواج ،