من صاحب اليمن آلات وأخشاب ، وهو الملك المظفر ، وعمل منبرا وأرسله في سنة ست وخمسين ، ولم يزل يخطب عليه إلى سنة ست وستين وستمائة ، فأمر الملك الظاهر بإزالته فأرسل هذا المنبر الموجود الآن ، وقد تقدم ذكره مع الشيخ أبي بكر النجار الذي وضع هذا المنبر الشريف مع صناع معه.
وفي سنة ثمان وخمسين وستمائة تولى ملك مصر والشام الملك الظاهر ركن الدين بيبرس الصالحي ، فكمل في أيامه المسجد الشريف على ما كان عليه قبل الحريق ، رحمة الله عليه ، وكان ابتداء العمارة في سنة ثلاث وستين ، ففرغ في أربع وستين.
وأنشد الإمام العلامة أبو شامة لبعضهم (١) :
لم يحترق حرم النبي لحادث |
|
يخشى عليه ولا دهاه العار |
لكنما أيدي الروافض لا مست |
|
ذاك الجناب فطهرته النار |
وسأذكر طرفا من وقعة التتار إذا تكرر ذكرها استطرادا ، وتلخيص ما وقع : أن وزير المستعصم مؤيد الدين محمد بن محمد بن العلقمي الرافضي كان بينه وبين أبي بكر بن المستعصم والد بكر عداوة عظيمة لأذيتهما لإخوانه الرافضة ، ونهب محلتهم المسماة بالكرخ ، فكاتب التتار وحرضهم على قصد بغداد لأجل ما جرى على الرافضة من النهب والخزي ، فظن المخذول أن الأمر يتم له ، وأنه يقيم خليفة علويا.
فأرسل أخوه إلى هولاكو وسهّل عليه أخذ بغداد ، وطلب أن يكون نائبا لهم عليها ، فوعده بذلك ، ثم ساروا ونزلوا على بغداد ، فأشار ابن العلقمي على المستعصم بالله أني أخرج إليهم في تقرير الصلح ، فخرج الخبيث وتوثق لنفسه ورجع.
فقال للمستعصم : إن الملك هولاكو قد رغب أن يزوج بنته بابنك
__________________
(١) ذكر السخاوي في «التحفة اللطيفة» ٢ / ٤٠٧ ، عند ذكره لترجمة أبي عبد الله محمد بن إبراهيم الكناني ، أنه قال : وجد مكتوبا في بعض جدران الحرم الشريف في الحريق ، وذكر البيتين.