الأمير أبي بكر ، وأن تكون الطاعة له كما كان أجدادك مع الملوك السلجوقية ، ثم يرتحل عنك.
فأجابه الخليفة إلى ذلك ، وخرج إليه الخليفة في أعيان الدولة ، ثم استدعى الوزير العلماء والوزراء والرؤساء ليحضروا العقد بزعمه ، فخرجوا إليهم فضربت رقابهم ، وصار يبعث إلى طائفة بعد طائفة ، فتضرب أعناقهم حتى بقيت الرعية بلا راع ، ثم أمر هولاكو بالمستعصم وولده أبي بكر فرفسا حتى ماتا ، ثم حينئذ دخل التتار بغداد ، وبذلوا السيف واستمر القتل والسبي نيفا وثلاثين يوما فقلّ من نجا.
ويقال : إن هولاكو أمر بعدّ القتلى فبلغوا ألف ألف وثمانية آلاف وكسور ، فعند ذلك نودي بالأمان.
ثم هلك ابن العلقمي في السنة المذكورة قبل شهر رجب وخيب أمله ، وانعكست عليه آراؤه وأكل يده ندما ، فإنه بعد تلك الرتبة الرفيعة ووزارة العراق منفردا أربع عشرة سنة ، ولي وزارة التتار مشاركا لغيره ، وانحطت رتبته حتى كان يركب إكديشا ، وكان ذا حقد وغلّ على أهل السّنة ، وكان المستعصم آخر الخلفاء العراقيين ، وكانت دولتهم خمسمائة سنة وأربعا وعشرين سنة ، وكان هذا الخليفة حليما كريما سليم الباطن قليل الرأي حسن الديانة ، لكنه كان لا يخرج عن رأي العلقمي ، وبقي الوقت بلا خليفة ثلاث سنين.
هذه نبذة من وقعة التتار لا يسع هذا المختصر ذكر تفاصيلها ، وقد خرجنا بذكر هذه الأشياء عن المقصود لكن لفوائد تتشوق النفوس إليها ، وتتم الفائدة بالوقوف عليها ، ولنرجع إلى ما نحن بصدده.
فأقول : وكان للحرم الشريف أبّهة عظيمة ومنظر بهي ، كنت إذا دخلت المسجد الشريف وجدت الروضة المشرفة قد غصت بالمشايخ المعتبرين مثلي! ومثل الشيخ أبي محمد البسكري ، والشيخ عبد الواحد الجزولي ، والشيخ عز الدين الزرندي ، والشيخ أبي بكر الشيرازي ، والشيخ أبي العباس بن الشريف أحمد الخراز ، والشيخ علي الواسطي ، والشيخ أبي الربيع سليمان الغماري ، والشيخ عبد الله بن حريث ، والشيخ أبي عبد الله